للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّه الصَّالِحِينَ،

===

أسفارهم في الغزوات وغيرها, ولا يتشهدون إلَّا بما تعلموا لفظ التشهد بالخطاب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى هذا الذي قالوا بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - كان يلزم أن يقولوا فيها في التشهد: "السلام على النبي"، فلما لم يقولوا ذلك في الغيبة عنه - صلى الله عليه وسلم - كيف يجوز أن يبدلوا بعده لفظه - صلى الله عليه وسلم - الخطاب بالغيبة؟ .

وقد نقل الحافظ ما روى سعيد بن منصور من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علمهم التشهد فذكره، قال: فقال ابن عباس: إنما كنا نقول: السلام عليك أيها النبي إذا كان حيًّا، فقال ابن مسعود: هكذا علمنا وهكذا نعلم، فظاهر أن ابن عباس قاله بحثًا، وأن ابن مسعود لم يرجع إليه.

ثم قال الحافظ (١): لكن رواية أبي معمر أصح, لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، والإسناد مع ذلك ضعيف، على أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - حي في قبره كما أن الأنبياء عليهم السلام أحياء في قبورهم، ولا فرق بين أن يكون فوق الأرض أو تحت حجابها، كما لا فرق في حضوره وغيبته في زمان حياته - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا لعله لم يذهب إليه أحد من الأئمة.

والمراد بقوله: "ورحمة الله" إحسانه، وقوله: "وبركاته" هو اسم لكل خير فائض منه تعالى على الدوام، وقيل: البركة الزيادة في الخير، وإنما جمعت البركة دون السلام والرحمة لأنهما مصدران.

(السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)، قال البيضاوي: علمهم أن يفردوه - صلى الله عليه وسلم - بالذكر لشرفه ومزيد حقه عليهم، ثم علمهم أن يخصوا أنفسهم, لأن الاهتمام بها أهم، ثم أمرهم بتعميم السلام على الصالحين إعلامًا منه بأن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملًا لهم، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>