للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَامَ رَجُلٌ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُسَمِّيهِ ذَا الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَسِيْتَ أَمْ قَصُرَتِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: "لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرِ الصَّلَاةُ".

===

فقال: إني جهزت عيرًا من العراق بأحمالها وأحقابها حتى وردت المدينة، فصلَّى بهم أربع ركعات، قلت: هذا مرسل جيد، قاله الشيخ النيموي (١) - رحمه الله-.

(فقام رجل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسميه ذا اليدين)، وفي رواية: وفي القوم رجل في يديه طول يقال له: ذو اليدين، وجزم ابن قتيبة بأنه كان يعمل بيديه جميعًا، وذهب الأكثر إلى أن اسم ذي اليدين الخرباق، بكسر المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة وآخره قاف، اعتمادًا على ما وقع في حديث عمران بن حصين عند مسلم، ولفظه: "فقام إليه رجل يقال له: الخرباق، وكان في يديه طول"، قاله الحافظ (٢).

(فقال: يا رسول الله (٣) أنسيت (٤) أم قصرت الصلاة؟ قال: لم أنس ولم تقصر الصلاة) أي في ظني، قال النووي (٥): فيه دليل على جواز النسيان عليه - صلى الله عليه وسلم - في أحكام الشرع، وهو مذهب جمهور العلماء، وهو ظاهر القرآن والحديث، واتفقوا على أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يقر عليه، بل يُعْلمه الله تعالى به، ثم قال الأكثرون: شرط تنبهه - صلى الله عليه وسلم - على الفور متصلًا بالحادثة، ولا يقع فيه تأخير، وجوزت طائفة تأخيره مدة حياته - صلى الله عليه وسلم -، واختاره إمام الحرمين.


(١) "آثار السنن" (١/ ١٤٠).
(٢) "فتح الباري" (٣/ ١٠٠).
(٣) أوَّل أحمد تكلمه على أنه كان على يقين من أن الصلاة قد تمَّت كما حكاه الترمذي، وأنت خبير بأن قوله: "أنسيت" يرد على هذا التأويل. (ش).
(٤) بسط ابن رسلان في معنى السهو والنسيان، وجمع بينه وبين قوله تعالى: {عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: ٥]، وأخرج مالك في "موطئه" (١/ ١٠٠): "إني لا أنسى ولكن أنسى لأسن"، وذكر في "أحكام القرآن" (١/ ٦٦): روي عن ابن مسعود قلنا: يا رسول الله إنك تهم، قال: "ومالي لا أهم ورفغ أحدكم بين أظفاره وأنامله"، انتهى. (ش).
(٥) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>