مراسيل الصحابة, لأن ذا اليدين قتل ببدر، وكان إسلام أبي هريرة بعده عام خيبر سنة سبع من الهجرة، واستدل على ذلك بثلاثة وجوه:
أحدها: أن ابن عمر -رضي الله تعالى عنه - نص بأن إسلام أبي هريرة كان بعد ما قتل ذو اليدين، أخرجه الطحاوي في "معاني الآثار" بسنده عن ابن عمر أنه ذكر له حديث ذي اليدين فقال: كان إسلام أبي هريرة بعد ما قتل ذو اليدين.
قلت: رجاله كلهم ثقات إلَّا العمري فاختلف فيه، قواه غير واحد من الأئمة، وضعفه النسائي وابن حبان وغيرهما من المتشددين، وأحسن شيء فيه ما قاله الذهبي في "الميزان": صدوق في حفظه شيء، وهذا لا ينحط حديثه عن درجة الحسن، وقد حسن حديثه غير واحد من أهل العلم، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": قال أبو يعلى: عن رجل عن سعيد المقبري، قال: فإن كان هو العمري فالحديث حسن، وأخرج له مسلم في "صحيحه"، وقال الذهبي في "الميزان": قال الدارمي: قلت لابن معين: كيف حاله في نافع؟ قال: صالح ثقة، قلت: هذا الأثر أخرجه الطحاوي من طريق العمري عن نافع، فهو حسن جدًا.
وثانيها: أن ذا الشمالين هو ذو اليدين كلاهما واحد، واستدل على ذلك بوجوه:
منها ما رواه الزهري في حديث أبي هريرة ذا الشمالين مكان ذي اليدي، أخرجه النسائي في "سننه" بوجهين، وكذلك غير واحد من المخرجين.
ومنها ما رواه البزار والطبراني في "الكبير" عن ابن عباس قال: صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا ثم سلم، فقال له ذو الشمالين: أنقصت الصلاة يا رسول الله؟ قال: كذلك يا ذا اليدين؟ قال: نعم، فركع ركعة، وسجد سجدتين.
ومنها ما قال ابن اسعد في "طبقاته": ذو اليدين ويقال: ذو الشمالين، اسمه عمير بن عمرو بن نضلة من خزاعة.