للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فإذا كان الأمر كذلك يحتمل أن يكون الرجل المذكور الذي نص عليه أنه من بني سليم غير ذي اليدين، وأن تكون قضيته غير قضية ذي اليدين، وأن أبا هريرة شاهد هذا حتى أخبر عن ذلك بقوله: "بينا أنا أصلي"، وكون ذي اليدين من بني سليم على قول من يدعي ذلك لا يستلزم أن لا يكون غيره من بني سليم.

وحاصل هذا الجواب أن هذه القصة التي وقعت في هذا الحديث هي قصة غير قصة ذي اليدين، شاهد أبو هريرة هذه القصة ووقعت في زمنه عند مشاهدته، والرجل الذي تكلم ليس هو ذا اليدين بل هو غيره، واتفق أنه أيضًا من بني سليم، وليس فيه ذكر التكلم في الصلاة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما تكلم الرجل في الصلاة فمفسد لصلاته، ولم يتعرض في الحديث بذكر إعادة صلاته ولا لعدمها، فلا يستدل بهذا الحديث على جواز كلام المصلح والساهي في الصلاة.

وأجاب عنه الشيخ العلامة النيموي في "آثار السنن" (١)، قلت: وأما قوله: "بينا أنا أصلي" فليس بمحفوظ، ولعل بعض رواة هذا الحديث فهم من قول أبي هريرة صلَّى بنا، أنه كان حاضرًا فروى هذا الحديث بالمعنى على ما زعمه، وقد أخرجه مسلم من خمس طرق، فلفظه في طريقين: "صلَّى بنا"، وفي طريق: "صلَّى لنا"، وفي طريق: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى ركعتين"، وفي طريق: "بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، تفرد به يحيى بن أبي كثير، وخالفه غير واحد من أصحاب أبي سلمة وأبي هريرة، فكيف يقبل أن أبا هريرة قال في هذا الخبر بينما أنا أصلي؟

قلت: مدار البحث والاستدلال في هذه المسألة موقوف على أن ذا اليدين وذا الشمالين واحد، وأنه استشهد ببدر، ولم يدركه أبو هريرة, لأن إسلامه سنة سبع من الهجرة، وقد أتى الشيخ العلامة النيموي في هذه المسألة بكلام مشبع حسن نورده ها هنا ملخصًا، فقال (٢): ثم لا يخفى أن حديث أبي هريرة من


(١) (١/ ١٤٨).
(٢) "آثار السنن" (١/ ١٤٣ - ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>