رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم، فصلَّى بالناس ركعتين". وهذا أيضًا سند صحيح على شرط مسلم.
وأخرج نحوه الطحاوي عن ربيع المؤذن عن شعيب بن الليث عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب إلى آخره.
فثبت أن الزهري لم يهم، ولا يلزم من عدم تخريج ذلك في "الصحيحين" عدم صحته، فثبت أن ذا اليدين وذا الشمالين واحد.
والعجب من هذا القائل أنه مع اطلاعه على ما رواه النسائي من هذا كيف اعتمد على قول من نسب الزهري إلى الوهم، ولكن أريحية العصبية تحمل الرجل على أكثر من هذا.
وقال هذا القائل أيضًا: وقد جوَّز بعض الأئمة أن تكون القصة لكل من ذي الشمالين وذي اليدين، وأن أبا هريرة روى الحديثين، فأرسل أحدها وهو قصة ذي الشمالين، وشاهد الآخر وهو قصة ذي اليدين.
قلت: هذا يحتاج إلى دليل صحيح، وجعل الواحد اثنين خلاف الأصل، وقد يلقب الرجل بلقبين وأكثر.
وقال أيضًا: ويدفع المجاز الذي ارتكبه الطحاوي ما رواه مسلم وأحمد وغيرهما من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة في هذا الحديث عن أبي هريرة بلفظ: "بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الظهر" الحديث.
قلت: هذا الحديث رواه مسلم من خمس طرق، فلفظه في الطريقين: "صلَّى بنا"، وفي طريق: "صلَّى لنا"، وفي طريق: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى ركعتين"، وفي طريق: "بينما أنا أصلي"، وفي ثلاث طرق التصريح بلفظ: "ذي اليدين"، وفي الطريقين بلفظ: "رجل من بني سليم"، وفي الطريق الأول: "إحدى صلاتي العشي"، إما الظهر أو العصر بالشك، وفي الثاني: "إحدى صلاتي العشي" من غير ذكر الظهر والعصر بدون اليقين، وفي الثالث: "صلاة العصر" بالجزم، وفي الرابع والخامس: "صلاة الظهر" بالجزم، فهذا كله يدل على اختلاف القضية، وإلا يكون فيه إشكال.