قلت: حاصل كلامهم أن الزهري وهم في جعله ذا الشمالين مكان ذي اليدين، والذي قتل ببدر هو ذو الشمالين غير ذي اليدين، واستدلوا على ذلك بوجوه.
أحدها: أن ذا اليدين اسمه الخرباق اعتمادًا على ما في مسلم من حديث عمران: فقام رجل يقال له الخرباق وكان في يديه طول، وأما ذو الشمالين فاسمه عمير.
وثانيها: أن ذا اليدين سلمي اعتمادًا على ما رواه مسلم في رواية: "فأتاه رجل من بني سليم"، ويؤيده ما أخرجه السيوطي في "جمع الجوامع" ثم علي المتقي في "كنز العمال" عن عبد بن عمير في قصة السهو: "فأدركه ذو اليدين أخو بني سليم".
وثالثها: أن ذا اليدين بقي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، رواه عنه المتأخرون من التابعين.
واستدلوا على ذلك بخبرين:
أحدهما: ما رواه عبد الله بن أحمد في زيادات "المسند" والطبراني في "الكبير" وآخرون في تصانيفهم من طريق معدي بن سليمان قال: ثنا شعيب بن مطير عن أبيه مطير، ومطير حاضر يصدق مقالته قال: كيف كنت أخبرتك قال: يا أبتاه أخبرتني أنك لقيك ذو اليدين بذي خشب، فأخبرك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بهم إحدى صلاتي العشي وهي العصر، الحديث.
وثانيهما: ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة من طريق عمرو بن مهاجر أن محمد بن سويد أفطر قبل الناس بيوم فأنكر عليه عمر بن عبد العزيز، فقال: شهد عندي فلان أنه رأى الهلال، فقال عمر: أَوَ ذو اليدين هو؟
ورابعها: أن حديث الخرباق أخرجه مسلم وغيره عن عمران بن حصين وهو متأخر الإِسلام، أسلم عام خيبر.