احتج الشافعي بما روى عبد الله بن بحينة:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد للسهو قبل السلام"، وما روي أنه سجد للسهو بعد السلام فمحمول على التشهد كما حملتم السلام على التشهد في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وفي كل ركعتين فسلم أي فتشهد"، وترجح ما روينا بمعاضدة المعنى إياه من وجهين:
أحدهما: أن السجدة إنما يؤتى بها جبرًا للنقصان المتمكن في الصلاة، والجابر يجب تحصيله في موضع النقص لا في غير موضعه، والإتيان بالسجدة بعد السلام تحصيل الجابر لا في محل النقصان، والإتيان بها قبل السلام تحصيل الجابر في محل النقصان، فكان أولى.
والثاني: أن جبر النقصان إنما يتحقق حال قيام الأصل، وبالسلام القاطع لتحريمة الصلاة يفوت الأصل، فلا يتصور جبر النقصان بالسجود بعده.
واحتجّ مالك بما روى المغيرة بن شعبة:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام في مثنى من صلاته، فسجد سجدتي السهو قبل السلام"، وكان سهوًا في نقصان، وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه -: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر خمسًا، فسجد سجدتي السهو بعد السلام"، وكان سهوًا في الزيادة، ولأن السهو إذا كان نقصانًا فالحاجة إلى الجابر فيؤتى به في محل النقصان على ما قاله الشافعي، فأما إذا كان زيادة فتحصيل السجدة قبل السلام يوجب زيادة أخرى في الصلاة، ولا يوجب رفع شيء، فيؤخر إلى ما بعد السلام.
ولنا حديث ثوبان -رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لكل سهو سجدتان بعد السلام"، من غير فصل بين الزيادة والنقصان، وروي عن عمران بن الحصين والمغيرة بن شعبة وسعد بن أبي وقاص -رضي الله عنهم-: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد للسهو بعد السلام"، وكذا روى ابن مسعود وعائشة وأبو هريرة -رضي الله عنهم-.
وروينا عن ابن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من شك