في صلاته فلم يدر أثَلاثًا صلى أم أربعًا، فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب، وليبن عليه، وليسجد سجدتين بعد السلام".
ولأن سجود السهو أخر عن محل النقصان بالإجماع، وإنما كان لمعنى [و] ذلك المعنى يقتضي التأخير عن السلام، وهو أنه لو أداه هناك ثم سها مرة ثانية وثالثة ورابعة يحتاج إلى أدائه في كل محل، وتكرار سجود السهو في صلاة واحدة غير مشروع، فأخر إلى وقت السلام احترازًا عن التكرار، فينبغي أن يؤخر أيضًا عن السلام، حتى إنه لو سها عن السهو لا يلزمه أخرى، فيؤدي إلى التكرار، ولأن إدخال الزيادة في الصلاة يوجب نقصانًا فيها، فلو أتى بالسجود قبل السلام يؤدي إلى أن يصير الجابر للنقصان موجبًا زيادة نقص، وذا غير صواب.
وأما الجواب عن تعلقهم بالأحاديث، فهو أن رواية الفعل متعارضة، فبقي لنا رواية القول من غير تعارض، وترجح ما ذكرنا لمعاضدة ما ذكرنا من المعنى إياه، أو يوفق فيحمل ما روينا على أنه سجد بعد السلام الأول ولا محل له سواه، فكان محكمًا، وما رواه محتمل، يحتمل أنه سجد قبل السلام الأول، ويحتمل أنه سجد قبل السلام الثاني، فكان متشابهًا، فيصرف إلى موافقة المحكم، وهو أنه سجد قبل السلام الأخير لا قبل السلام الأول ردًّا للمحتمل إلى المحكم.
وما ذكر مالك من الفصل بين الزيادة والنقصان غير سديد, لأنه سواء نقص أو زاد كل ذلك كان نقصانًا، ولأنه لو سها مرتين إحداهما بالزيادة والأخرى بالنقصان ماذا يفعل، وتكرار سجدتي السهو غير مشروع، وقد روي أن أبا يوسف ألزم مالكًا بين يدي الخليفة بهذا الفصل فقال: أرأيت لو زاد
ونقص كيف يصنع؟ فتحير مالك (١).
(١) وقالت المالكية: بالقبلية إذ ذاك تغليبًا للنقص. (ش).