للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الشوكاني في "النيل" (١): والحديث يدل على أن من صلَّى خمسًا ساهيًا ولم يجلس في الرابعة أن صلاته لا تفسد (٢)، وقال أبو حنيفة والثوري: إنها تفسد وإن لم يجلس في الرابعة، وقال أبو حنيفة: فإن جلس في الرابعة، ثم صلى خامسة، فإنه يضيف إليها ركعة أخرى وتكون الركعتان له نافلة، والحديث يرد ما قالاه، وإلى العمل بمضمونه ذهب الجمهور.

قلت: الحديث لا يدل على أن من صلى خمسًا ساهيًا، ولم يجلس في الرابعة لا تفسد صلاته، فإن الحديث ساكت على جلوس النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد الرابعة، ولم يذكر حكمه، فعدم الذكر في الحديث لا يدل على عدم الفساد، بل حمل فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على ما هو أقرب إلى الصواب أولى.

قال في "العناية" في شرح "الهداية" (٣): وإن سها عن القعدة الأخيرة حتى قام إلى الخامسة في الرباعية، والرابعة في الثلاثية، والثالثة في الثنائية، فلا يخلو من أن يكون بعد ما قعد على الرابعة أو لا يكون، فإن لم يكن فلا يخلو إما أن يقيد الخامسة بالسجدة أو لا.

فإن كان الثاني رجع إلى القعدة, لأن إصلاح الصلاة به ممكن، وكل ما كان كذلك وجب عمله احترازًا عن البطلان، وإنما قلنا: إنه ممكن, لأن ما دون الركعة بمحل الرفض لكونه ليس بصلاة ولا له حكمها, ولهذا لو حلف لا يصلي لا يحنث بما دون الركعة، وألغى الخامسة لأنه رجع إلى شيء محله قبلها، وكل من رجع من فعل من أفعال الصلاة إلى شيء محله قبله يرتفض ذلك الفعل المرجوع عنه، كما إذا قعد قدر التشهد ثم تذكر السجدة الصلبية أو التلاوة


(١) "نيل الأوطار" (٣/ ١٤٥).
(٢) بل يرجع إلى القعدة كلما تذكر سواء قبل الركوع أو بعده، سواء قعد للتشهد أو لا، وبه قال الأئمة الثلاثة، بسطه ابن رسلان. (ش).
(٣) (٢/ ٧٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>