للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي". وَقَالَ: "إِذَا شَك أَحَدُكُمْ في صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ،

===

(ولكن إنما أنا بشر) هذا حصر في البشرية باعتبار من أنكر ثبوت ذلك ونازع فيه عنادًا وجحودًا، وأما باعتبار غير ذلك بما هو فيه فلا ينحصر في وصف البشرية إذ له صفات أخر، ككونه جسمًا حيًّا متحركًا نبيًّا رسولًا بشيرًا نذيرًا سراجًا منيرًا وغير ذلك، قاله الشوكاني (١).

(أنسى كما تنسون (٢)، فإذا نسيت فذكِّروني)، فيه أمر التابع بتذكير المتبوع، وظاهر الحديث يدل على الوجوب على الفور.

(وقال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر) بالحاء المهملة والراء المشددة أي فليقصد (الصواب)، ولمسلم من طريق مسعر عن منصور: "فأيكم شك في صلاته فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب"، وله من طريق شعبة عن منصور: "فليتحر أقرب ذلك إلى الصواب"، وله من طريق فضيل بن عياض عن منصور: "فليتحر الذي يرى أنه الصواب".

واختلف في المراد بالتحري (٣)، فقال الشافعية: هو البناء على اليقين لا على الأغلب, لأن الصلاة في الذمة بيقين فلا تسقط إلَّا بيقين، وقيل: التحري الأخذ بغالب الظن، وهو ظاهر الروايات التي عند مسلم.

وقال ابن حبان في "صحيحه": البناء غير التحوي، فالبناء أن يشك في


(١) "نيل الأوطار" (٣/ ١٤٠).
(٢) بسطه ابن رسلان في جواز النسيان عليه - صلى الله عليه وسلم - فارجع إليه، وأبسط منه في "الإكمال" (٢/ ٢٦٤). (ش).
(٣) قال ابن رسلان: فيه دليل لأبي حنيفة وموافقيه أن من شك في صلاته في عدد الركعات فإنه يبني في ذلك على غالب ظنه، قال القرطبي: والجمهور ردوا هذا إلى حديث أبي هريرة ... إلخ، وحجة الشافعية حديث أبي سعيد: "فليطرح الشك وليبن علي ما استيقن"، وحملوا التحري في هذا الحديث على البناء على اليقين. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>