للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تحرى ولم يقع تحريه على شيء، وعندنا إذا تحرى ولم يقع تحريه على شيء يبني على الأقل، وعلى هذا جمعوا الأحاديث، وحملوا كل واحد منها على محمله، وعملوا على جميعها, ولم يهملوا منها شيئًا.

والقائلون بالتحري اختلفوا فيه، فقال أبو حنيفة ومالك (١) في طائفة: هذا لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى وصار مبتلى به، وأما غيره فيبني على اليقين، وقال آخرون: هو على عمومه، وقال بعضهم بوجوب الإعادة مرة بعد أخرى حتى يستيقن، حكاه العراقي عن ابن عمر وسعيد بن جبير وشريح القاضي وابن الحنفية وميمون بن مهران وعبد الكريم الجزري والشعبي والأوزاعي.

وقال الشيخ ابن القيم في "زاد المعاد" (٢): قال الإِمام أحمد: الشك على وجهين: اليقين والتحري، فمن رجع إلى اليقين ألغى الشك، وسجد سجدتي السهو قبل السلام على حديث أبي سعيد الخدري، وإذا رجع إلى التحري وهو أكثر الوهم، سجد سجدتي السهو بعد السلام على حديث ابن مسعود.

والفرق عنده بين التحري واليقين، أن المصلي إذا كان إمامًا بني على غالب ظنه وأكثر وهمه، وهذا هو التحري، فيسجد له بعد السلام على حديث ابن مسعود، وإن كان منفردًا بني على اليقين، وسجد قبل السلام على حديث أبي سعيد، هذه طريقة أكثر أصحابه في تحصيل ظاهر مذهبه.

وعنه: روايتان أخريان: إحداهما: يبني على اليقين مطلقًا، والأخرى على


(١) كذا قاله الشوكاني (٣/ ١٤٥)، والأوجه عندي أن فيه وهمًا لما أن الذي حمل عليه الإِمام مالك على المستنكح هو حديث أبي هريرة لا حديث التحري، كما في "بداية المجتهد" (١/ ١٩٩). (ش).
(٢) (١/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>