واحتجوا بحديث التحري وحديث البناء على الأقل، والحاصل أنه قد ثبت عندهم أحاديث مختلفة في السهو، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شك أحدكم في صلاته فليستقبل"، وهو غريب، وان كانوا هم يعرفونه، ومعناه في "مسند ابن أبي شيبة" عن ابن عمر، وأخرج نحوه عن سعيد بن جبير وابن الحنفية وشريح، وما في الصحيح:"إذا شك أحدكم فليتحر الصواب فليتم"، وما أخرجه الترمذي وابن ماجه عن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - قال:"سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلَّى أم ثنتين؟ فليبن علي واحدة"، الحديث، وصححه الترمذي.
ولما ثبت عندهم الكل سلكوا فيها طريق الجمع يحمل كل منها على محمل يتجه حمله عليه، قاله ابن الهمام في "فتح القدير"(١).
قلت: أما الاستئناف فلأنه لو استقبل أدى الفرض بيقين كاملًا، ولو بني على الأقل ما أداه كاملا, لأنه ربما يؤدي زيادة على المفروض، وإدخال الزيادة في الصلاة نقصان فيها، وربما يؤدي إلى فساد الصلاة بأن كان أدى أربعًا وظن أنه أدى ثلاثًا، فبنى على الأقل، وأضاف إليها أخرى قبل أن يقعد، وبه تبين أن الاستقبال ليس إبطالاً للصلاة, لأن الإفساد ليؤدي أكمل لا يعد إفسادًا، وحديث الحمل على الأقل محمول على ما إذا وقع ذلك مرارًا، ولم يقع التحري على شيء بدليل ما روينا من حديث الاستقبال.
وأما التحري فلأنه تعذر عليه الوصول إلى ما اشتبه عليه بدليل من الدلائل، والتحري عند انعدام الأدلة مشروع كما في أمر القبلة ولا وجه للاستقبال؛ لأنه عسى أن يقع ثانيًا وكذا الثالث والرابع إلى ما يتناهى، ولا وجه للبناء على الأقل؛ لأنه ربما يؤدي زيادة على المفروض، وهي نقصان في الصلاة، وربما يؤدي إلى إفساد الصلاة، وما رواه الشافعي محمول على ما إذا