وقال الحافظ في شرحه على "البخاري"(١): وقد أثار الخطابي ها هنا بحثًا وبالغ في التبجح به، وحكى عن أبي علي بن أبي هريرة أنه ناظر رجلًا من الفقهاء الخراسانيين، فسأله عن هذه المسألة، فأعياه جوابها، ثم أجاب الخطابي عنه بجواب فيه نظر، ومحصل الإيراد أن المستجمر متى استجمر بيساره استلزم مس ذكره بيمينه، ومتى أمسكه بيساره استلزم استجماره بيمينه، وكلاهما قد شمله النهي، ومحصل الجواب أنه يقصد الأشياء الضخمة التي لا تزول بالحركة كالجدار، ونحوه من الأشياء البارزة فيستجمر بها بيساره، فإن لم يجد فيلصق مقعدته بالأرض، ويمسك ما يستجمر به بين عقبيه أو إبهامي رجليه، ويستجمر بيساره، فلا يكون متصرفًا في شيء من ذلك بيمينه، انتهى.
وهذه هيئة منكرة بل يتعذر فعلها في غالب الأوقات.
وقد تعقبه الطيبي بأن النهي عن الاستجمار باليمين مختص بالدبر، والنهي عن المس مختص بالذكر، فبطل الإيراد من أصله، كذا قال، وما ادّعاه من تخصيص الاستنجاء بالدبر مردود، والمس وإن كان مختصًا بالذكر لكن يلحق به الدبر قياسًا، والتنصيص على الذكر لا مفهوم له، بل فرج المرأة كذلك، وإنما خص الذكر بالذكر لكون الرجال في الغالب هم المخاطبون، والنساء شقائق الرجال في الأحكام إلَّا ما خُصّ.
والصواب في الصورة التي أوردها الخطابي ما قاله إمام الحرمين ومن بعده كالغزالي في "الوسيط"، والبغوي في "التهذيب": أنه يمر العضو بيساره على شيء يمسكه بيمينه، وهي قارة غير متحركة، فلا يُعَدُّ مستجمرًا