للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأما أهل خراسان فقد أولع أكثرهم بكتاب محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج ومن نحا نحوهما في جمع الصحيح على شرطهما في السبك والانتقاد، إلا أن كتاب أبي داود أحسن رصفًا وأكثر فقهًا، وكتاب أبي عيسى أيضًا كتاب حسن، والله يغفر لجماعتهم، ويُحسن على جميل النية فيما سعوا له مثوبتهم برحمته.

إلى أن قال: وكان تصنيف علماء الحديث- قبل زمان أبي داود- الجوامع والمسانيد ونحوهما، فتجمع تلك الكتب إلى ما فيها من السنن والأحكام أخبارًا وقصصًا ومواعظَ وآدابًا.

فأما السنن المحضة فلم يقصد واحد منهم جمعها واستيفاءها , ولم يقدر على تخليصها واختصار مواضعها من أثناء تلك الأحاديث الطويلة، ومن أدلة سياقها على حسب ما اتفق لأبي داود، ولذلك حل هذا الكتاب عند أئمة الحديث وعلماء الأثر محل العجب، فضربت فيه أكباد الإِبل ودامت إليه الرحل" (١).

* وقال شيخ الإِسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف النووي - شارح "صحيح مسلم" وصاحب المؤلفات الكثيرة الشهيرة-، في قطعة كتبها في شرح "سنن أبي داود": "وينبغي للمشتغل بالفقه وغيره الاعتبار بـ "سنن أبي داود" بمعرفته التامة، فإن معظم أحاديث الأحكام التي يحتجّ بها فيه مع سهولة تناوله وتلخيص أحاديثه وبراعة مصنفه واعتنائه بتهذيبه" (٢).

* وقال العلَّامة الحافظ شمس الدين ابن قيم الجوزية صاحب "زاد المعاد" والمؤلفات المقبولة، في شرحه لاختصار المنذري- لـ "سنن أبي داود"-: ولما كان كتاب "السنن" لأبي داود سليمان بن الأشعث - رحمه الله- من الإِسلام بالموضع الذي خصه به، بحيث صار حكمًا بين


(١) "معالم السنن" (١/ ١٢ - ١٣).
(٢) العبارة منقولة من "الحطة في ذكر الصحاح الستَة"، للأمير العلامة صديق حسن خان القنوجي (ص ١٠٦)، المطبعة النظامية كانفور طبع ١٢٨٣ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>