للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَكَأَنَّ (١) النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ، قَالَ (٢): قَدْ فَعَلَ ذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إِنَ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ

===

وإنما فيه أن ابن عباس - رضي الله عنه - قال بدل حي على الصلاة: صلوا في بيوتكم، ثم قال: فعل ذا من هو خير مني، وقوله: فعل ذا من هو خير مني لا يقتضي أن تكون المماثلة والاتحاد في جميع الأمور، ولعله يمكن أن تكون المماثلة في النداء بهذا القول، وأما إدخاله في أثناء الأذان بدل الحيعلتين، فلعله يكون ناشئًا من رأيه -رضي الله عنه -، فعلى هذا لا يستدل بذلك على إدخاله في أثناء الأذان، كيف! وقد أجمعوا على أن في الأذان ينادى بها، واختلفوا في إدخال هذه الكلمة في الأذان، هل يدخل في أثنائه، أو ينادى بها بعده، ولم يقل أحد منهم أن يترك الحيعلتين، ويدخل بها في أثنائه بدلهما، والله تعالى أعلم.

(فكأنّ الناس استنكروا) أي أنكروا وعدُّوه منكرًا (ذلك) أي هذا الصنيع (قال) ابن عباس: (قد فعل ذا) أي هذا الصنيع (من هو خير مني) أي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية "البخاري" (٣): "من هو خير منه"، وللكشميهني "منهم"، قال الحافظ (٤): ومعنى رواية الباب من هو خير من المؤذن، يعني فعله مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو خير من هذا المؤذن.

قلت: ويمكن أن يقال: إن ضمير الغائب إلى ابن عباس وجعل نفسه غائبًا، قال الحافظ: أما رواية الكشميهني ففيها نظر، لعل من أذّن كان جماعة إن كانت محفوظة، أو أراد جنس المؤذنين، أو أراد: خير من المنكرين.

(إن الجمعة عزمة) بسكون الزاي، ضد الرخصة، أي واجبة، لكن سقط وجوب السعي والحضور لعذر المطر


(١) وفي نسخة: "قال: وكأن الناس".
(٢) وفي نسخة: "فقال".
(٣) "صحيح البخاري" (٦١٦).
(٤) "فتح الباري" (٢/ ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>