للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إنما جمعوا بعد رجوع وفدهم إليهم، كما قاله الحافظ في "الفتح"، وقدومهم إنما كان بعد تحريم الخمر، بل بعد فريضة الحج على ما تقتضيه رواية أحمد عن ابن عباس في قصة وفد عبد القيس بذكر الحج، وفرض الحج كان سنة ست من الهجرة على الأصح، وعلى قول الواقدي أن قدومهم كان سنة ثمان قبل فتح مكة، وفي أثناء هذه المدة كان الإِسلام قد انتشر في أكثر القرى، وكثير من أهلها لا يشهدون الجمعة بالمدينة، ولو كانت الجمعة جائزة في القرى لأقيمت في قريتهم قبل جواثى، انتهى.

قلت: وأصرح من ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إلى المدينة أقام في قباء (وهي قرية قرب المدينة، قال يعقوب (١) بن عبد الله في "معجم البلدان" (٢): قباء: بالضم، وأصله اسم بئر هناك عرفت القرية بها، وهي مساكن بني عمرو بن عوف) أربعة عشر يومًا أو أربعة وعشرين كما في "البخاري" على اختلاف نسخها، ووقعت الجمعة في أثنائها, ولم يثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى فيها الجمعة، ولم يأمرهم أن يجمعوا فيها، وسار يوم الجمعة يريد المدينة، فجمع في مسجد بني سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج، وهي محلة من المدينة، فكانت أول جمعة جمعت في الإِسلام.

فثبت بهذا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل الجمعة في القرى، ولم يأمر بها فيها، فعلم بهذا أن القرى ليس محل إقامة الجمعة، كما أن البراري ليس محل إقامتها، وقد ثبت برواية "مسلم" (٣) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما وقف بعرفات في حجة الوداع يوم الجمعة لم يصل الجمعة فيها، بل صلَّى فيها الظهر.


(١) كذا في الأصل، والصواب: ياقوت.
(٢) انظر: "معجم البلدان" (٤/ ٣٠١).
(٣) "صحيح مسلم" (١٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>