للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الشافعي إلى أنه لا يكره البيع والشراء في المسجد، والأحاديث ترد عليه، وفرق أصحاب أبي حنيفة (١) بين أن يغلب ذلك ويكثر فيكره، أو يقل فلا كراهة، وهو فرق لا دليل عليه، انتهى.

قلت: وهذا الذي عزاه إلى أصحاب أبي حنيفة هو الذي ذكره الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢) فقال: وكذلك أيضًا ما نهي عنه من البيع في المسجد هو البيع الذي يعمه، أو يغلب عليه حتى يكون كالسوق فذلك مكروه، فأما ما سوى ذلك فلا, ولقد روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على إباحة العمل الذي ليس من القرب في المسجد.

حدثنا فهد، ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، ثنا شريك، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن علي -رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "يا معشر قريش! ليبعثن الله عليكم رجلًا امتحن الله به الإيمان, يضرب رقابكم على الدين، فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ، قال: لا، فقال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا, ولكنه خاصف النعل في المسجد"، وكان قد ألقى إلى علي -رضي الله عنه - نعله يخصفها، أفلا ترى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عليًا -رضي الله عنه - عن خصف النعل في المسجد، وأن الناس لو اجتمعوا حتى يعموا المسجد بخصف النعال كان ذلك مكروهًا، فلما كان ما لا يعم المسجد من هذا غير مكروه، وما يعمه منه أو يغلب عليه مكروهًا، كان ذلك في البيع وإنشاد الشعر والتحلق فيه قبل الصلاة مما عمه من ذلك، فهو مكروه، وما لم يعمه منه ولم يغلب عليه فليس بمكروه، والله أعلم بالصواب، انتهى.


(١) وفي "الدر المختار": يكره كل عقد إلَّا لمعتكف بشرطه أي لا يكون للتجارة، بل لنفسه أو عياله بدون إحضار السلعة، كذا في "الشامي". (انظر: "رد المحتار" ٢/ ٥٢٦). (ش).
(٢) "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>