للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إلَّا ما عليه الجمهور، وحمل الجمهور هذه الأحاديث على المبالغة في تعجيلها، وأنهم كانوا يؤخرون الغداء والقيلولة في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة, لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير إليها.

واستدل المجوِّزون بجواز صلاة الجمعة قبل الزوال بأحاديث تدل على التبكير لصلاتها, ولا دليل فيها لهذا المدعي، وقد عقد البخاري (١) "باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس"، قال الحافظ في "شرحه" (٢): جزم بهذه المسألة مع وقوع الخلاف فيها لضعف دليل المخالف عنده، ثم قال: وأغرب ابن العربي (٣)، فنقل الإجماع على أنها لا تجب حتى تزول الشمس، إلا ما نقل عن أحمد أنه إن صلاها قبل الزوال أجزأ، انتهى.

وقد نقل ابن قدامة وغيره عن جماعة من السلف كما سيأتي، فأما الأثر عن عمر فروى أبو نعيم شيخ البخاري وابن أبي شيبة (٤) من رواية عبد الله بن سيدان قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر، فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار، وشهدتها مع عمر، فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول قد انتصف النهار، رجاله ثقات إلَّا عبد الله بن سيدان وهو بكسر المهملة بعدها تحتانية ساكنة، فإنه تابعي كبير إلَّا أنه غير معروف العدالة، قال ابن عدي: شبه المجهول، وقال البخاري: لا يتابع على حديثه، بل عارضه ما هو أقوى منه، فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة، أنه صلَّى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس، وإسناده قوي.


(١) "صحيح البخاري" (ك ١١، ب ١١٦).
(٢) "فتح الباري" (٢/ ٣٨٧).
(٣) انظر: "عارضة الأحوذي" (٢/ ٢٩٢).
(٤) "مصنف ابن أبي شيبة" (٢/ ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>