للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أنهم كانوا يبدؤون بالصلاة قبل القيلولة، بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر، فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الإبراد، انتهى.

فهذه القيلولة والغداء لما كانا قائمين مقام القيلولة والغداء أطلق عليهما مجازًا، وقد أخرج أبو داود والنسائي (١) عن العرباض بن سارية قال: دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى السحور فقال: "هلم إلى الغداء المبارك"، فأطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغداء على السحور، فكما أن من استدل به على جواز أكل السحور بعد الفجر لا يقبل منه، كذلك في هذه الأحاديث لا يقبل الاستدلال به على جواز صلاة الجمعة قبل الزوال.

قال الأمير اليماني في "السبل" (٢): وليس فيه دليل على الصلاة قبل الزوال لأنهم في المدينة ومكة لا يقيلون ولا يتغدون إلَّا بعد صلاة الظهر، كما قال تعالى: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} (٣)، نعم كان - صلى الله عليه وسلم - يسارع بصلاة الجمعة في أول وقت الزوال بخلاف الظهر فقد كان يؤخره بعده حتى يجتمع الناس، انتهى.

وأما قولهم: أنه - صلى الله عليه وسلم - يخطب خطبتين، ويجلس بينهما، ويقرأ فيه القرآن، ويصلي بسورتين من طوال المفصل فمسلم، لكن قولهم: لو كانت الصلاة بعد الزوال لكان بعد الفراغ من الصلاة والانصراف من المسجد للجدران فيء يستظل به غير مسلم، فإن خطبته - صلى الله عليه وسلم - وصلاته كانتا قصدًا معتدلًا فلا يزيد شغله في الخطبة والصلاة على الساعة الواحدة العرفية، ومع مضي الساعة الواحدة لا يمكن أن يكون لجدران المدينة فيء يستظل به لقصر جدرانها إذ ذاك.


(١) انظر: "سنن أبي داود" (٢٣٤٤)، و"سنن النسائي" (٢١٦٣).
(٢) "سبل السلام" (٢/ ٤٦).
(٣) سورة النور: الآية ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>