للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَيَخْطُبُ قَائِمًا،

===

المنبر (فيخطب قائمًا) قال الشوكاني (١): واختلف في الجلوس بين الخطبتين، فذهب الشافعي والإمام يحيى إلى وجوبه. وذهب الجمهور إلى أنه غير واجب، استدل من أوجب ذلك بفعله - صلى الله عليه وسلم - وقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقد قدمنا الجواب عن مثل هذا الاستدلال، وأنه غير صالح لإثبات الوجوب.

وقد اختلف في وجوب الخطبتين، فذهب إلى وجوبهما العترة والشافعي (٢)، وحكى العراقي في شرح "الترمذي" عن مالك وأبي حنيفة والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وابن المنذر وأحمد بن حنبل - في رواية -: أن الواجب خطبة واحدة، قال: وإليه ذهب جمهور العلماء. ولم يستدل من قال بالوجوب إلَّا بمجرد الفعل مع قوله: "صلُّوا كما رأيتموني" الحديث. وقد عرفت أن ذلك لا ينتهض لإثبات الوجوب، انتهى.

قلت: استدل (٣) الحنفية على وجوب الخطبة وكونها شرطًا بوجوه:

الأول: قوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٤) والخطبة ذكر الله، فتدخل في الأمر بالسعي لها من حيث أنه ذكر الله، أو المراد بالذكر الخطبة، وقد أمر بالسعي إلى الخطبة، فدل على وجوبها وكونها شرطًا لانعقاد الجمعة.

والثاني: ما روي عن عمر وعائشة -رضي الله تعالى عنهما- أنهما قالا:


(١) "نيل الأوطار" (٢/ ٥٥٦).
(٢) وأحمد في المشهور، كما في حاشية "نيل المآرب" (١/ ٢٦٥)، و"المغني" (٣/ ١٧٠). (ش).
(٣) يشكل على هذا الاستدلال أن مقتضى الاختلاف السابق الاستدلال على وجوب وحدة الخطبة، وكلام "البدائع" حجة لإيجاب مطلقها لا وحدتها، (ش).
(٤) سورة الجمعة: الآية ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>