للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَنَزَلَ فَأَخَذَهُمَا فَصَعِدَ بِهِمَا الْمِنْبَرَ، ثُمَّ قَالَ: "صَدَقَ اللَّه {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} (١) رَأَيْتُ هَذَيْنِ فَلَمْ أَصْبِرْ"، ثُمَّ أَخَذَ في الْخُطْبَةِ.

[ت ٣٧٧٤، ن ١٤١٣، جه ٣٦٠٠، حم ٥/ ٣٥٤، ق ٣/ ٢١٨]

===

(فنزل) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنبر (فأخذهما) وفي رواية: فحملهما (فصعد بهما) أي المنبر (ثم قال) رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (صدق (٢) الله {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}) أي محنة (رأيت هذين) الصبيين يمشيان ويعثران، (فلم أصبر) على عثارهما لأثر الرحمة والرقة في القلب، وفي رواية بعد هذا: حتى قطعت حديثي أي كلامي في الخطبة، ورفعتهما عندي ليحصل لهما الرفعة عند الله وعند خلقه.

(ثم أخذ) (٣) أي شرع (في الخطبة) ومذهب الحنفية في هذا الباب ما قال صاحب "البدائع" (٤): ويكره للخطيب أن يتكلم في حالة الخطبة، ولو فعل لا تفسد الخطبة, لأنها ليست بصلاة، فلا يفسدها كلام الناس، لكنه يكره، لأنها شرعت منظوهة كالأذان، والكلام يقطع النظم، إلَّا إذا كان الكلام أمرًا بالمعروف لا يكره، لما روي عن عمر: "أنه كان يخطب يوم الجمعة فدخل عليه عثمان، فقال له: أية ساعة هذه؟ فقال: ما زدت حين سمعت النداء يا أمير المؤمنين على أن توضأت، فقال: والوضوء أيضًا، وقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالاغتسال"، وهذا لأن الأمر بالمعروف يلتحق بالخطبة, لأن الخطبة فيها وعظ، فلم يبق مكروهًا، انتهى.


(١) سورة التغابن: الآية ١٥.
(٢) هكذا في جميع الروايات، وفي "ابن ماجه" (٣٦٠٠) فقط زيادة "ورسوله" يعني صدق الله ورسوله، والظاهر أنها وهم. (ش).
(٣) قال صاحب "المنهل" (٦/ ٢٧٣): فيه جواز الفعل اليسير لغير الخطبة، وبه قالت المالكية والحنابلة، وقال الخفية: يكره، ولا يفسد الخطبة، وللشافعية قولان: أظهرهما اشتراط الموالاة. (ش).
(٤) "بدائع الصنائع" (١/ ٥٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>