للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الأذان الأخير حين خرج الإِمام إلى الخطبة وبعد الفراغ من الخطبة حين أخذ المؤذن في الإقامة إلى أن يفرغ، هل يكره ما يكره في حال الخطبة؟ على قول أبي حنيفة يكره، وعلى قولهما لا يكره الكلام، وتكره الصلاة، واحتجا بما روي في الحديث: "خروج الإِمام يقطع الصلاة، وكلامه يقطع الكلام" (١)، جعل قاطع الكلام هو الخطبة، فلا يكره قبل وجودها, ولأن النهي عن الكلام لوجوب استماع الخطبة، وإنما يجب حالة الخطبة، بخلاف الصلاة لأنها تمتد غالبًا فيفوت الاستماع وتكبيرة الافتتاح.

ولأبي حنيفة ما روي عن ابن مسعود وابن عباس -رضي الله عنهما - موقوفًا عليهما ومرفوعًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا خرج الإِمام فلا صلاة ولا كلام"، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على أبواب المساجد، يكتبون الناس الأول فالأول، فإذا خرج الإِمام طووا الصحف، وجاؤوا يستمعون الذكر" (٢)، فقد أخبر عن طي الصحف عند خروج الإِمام، وإنما يطوون الصحف إذا طوى الناس الكلام, لأنهم إذا تكلموا يكتبونه عليهم لقوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (٣)، ولأنه إذا خرج للخطبة كان مستعدًا لها، والمستعد للشيء كالشارع فيه، ولهذا ألحق الاستعداد بالشروع في كراهة الصلاة، فكذا في كراهة الكلام، وأما الحديث فليس فيه أن غير الكلام يقطع الكلام، فكان تمسكًا بالسكوت وأنه لا يصح، انتهى.

قال الزيلعي في "نصب الراية" (٤): الحديث الخامس قال عليه السلام: "إذا خرج الإِمام فلا صلاة ولا كلام"، قلت: غريب مرفوعًا، قال البيهقي:


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" عن الزهري (١/ ١٠٣)، ورواه الشافعي من وجه آخر عنه انظر: "نصب الراية" (١/ ٢٠٢)، و"التلخيص الحبير" (٢/ ٧٨).
(٢) أخرجه البخاري (٩٢٩)، ومسلم (٨٥٠)، وأبو داود (٣٥١)، والترمذي (٤٩٩).
(٣) سورة ق: الآية ١٨.
(٤) "نصب الراية" (٢/ ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>