للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

لصاحبه والإمام يخطب: أنصت، لغوًا، كان قول الإِمام للرجل: قم، صل، لغوًا أيضًا، فثبت بذلك أن الوقت الذي كان فيه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأمر لسليك بما أمره به، إنما كان قبل النهي، وكان الحكم فيه في ذلك بخلاف الحكم في الوقت الذي جعل مثل ذلك لغوًا.

وقال ابن شهاب: خروج الإِمام يقطع الصلاة، وقال ثعلبة بن أبي مالك: كان عمر -رضي الله تعالى عنه - إذا خرج للخطبة أَنْصَتْنَا، وقال عياض: كان أبو بكر وعمر وعثمان يمنعون من الصلاة عند الخطبة.

وقال ابن العربي (١): الصلاة حين ذاك حرام من ثلاثة أوجه: الأول: قوله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} (٢)، فكيف يترك الفرض الذي شرع الإِمام فيه إذا دخل عليه فيه ويشتغل بغير فرض. الثاني: صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا قلت لصاحبك: أنصت، فقد لغوت"، فإذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأصلان المفروضان الركنان (٣) في المسألة يحرمان في حال الخطبة، فالنفل أولى أن يحرم، الثالث: لو دخل، والإمام في الصلاة لم يركع، والخطبة صلاة إذ يحرم فيها من الكلام والعمل ما يحرم في الصلاة.

وأما حديث سليك فلا يعترض على هذه الأصول من أربعة أوجه: الأول: هو خبر واحد، والثاني: يحتمل أنه كان في وقت كان الكلام مباحًا في الصلاة, لأنا لا نعلم تاريخه، فكان مباحًا في الخطبة، فلما حرم في الخطبة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر الذي هو آكد فرضية من الاستماع،


(١) انظر: "عارضة الأحوذي" (٢/ ٣٠٠).
(٢) سورة الأعراف: الآية ٢٠٤.
(٣) كذا في "العيني" (٥/ ١٠٢)، وفي "العارضة: الزكيان في الملة، والظاهر بدله: الركنان في الملة. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>