للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بَذَّةٍ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أصليت؟ " قال: لا، قال: "صل ركعتين"، وحث الناس على الصدقة، قال: فألقوا ثيابًا، فأعطاه منها ثوبين، فلما كانت الجمعة الثانية جاء ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب، فحث الناس على الصدقة، قال: فألقى أحد ثوبيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جاء هذا يوم الجمعة بهيئة بذة، فأمرتُ الناس بالصدقة، فألقوا ثيابًا، فأمرت له منها بثوبين، ثم جاء الآن، فأمرت الناس بالصدقة، فألقى أحدهما، فانتهره وقال: خذ ثوبك"، انتهى.

وكان مراده بأمره إياه بصلاة ركعتين أن يراه الناس ليتصدقوا عليه, لأنه كان في ثوب خلق، وقد قيل: إنه كان عريانًا، كما ذكرناه، إذ لو كان مراده إقامة السنَّة بهذه الصلاة لما قال في حديث أبي هريرة: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا قلت لصاحبك: أنصت والإمام يخطب، فقد لغوت"، وهو حديث مجمع على صحته من غير خلاف لأحد فيه، حتى كاد أن يكون متواترًا، فإذا منعه من الأمر بالمعروف الذي هو فرض في هذه الحالة، فمنعه من إقامة السنَّة، أو الاستحباب بالطريق الأولى، فحينئذ قول هذا القائل: فدل على أن قصة التصدق عليه جزء علة لا علة كاملة، غير موجه, لأنه علة كاملة.

وقال أيضًا: وأما إطلاق من أطلق أن التحية تفوت بالجلوس، فقد حكى النووي في شرح "مسلم" (١) عن المحققين أن ذلك في حق العامد العالم، أما الجاهل أو الناسي فلا.

قلت: هذا حكم بالاحتمال، والاحتمال إذا كان غير ناشئ عن في دليل فهو لغو لا يعتد به، وقال أيضًا في قولهم: "إنه - صلى الله عليه وسلم - لما خاطب سليكًا سكت عن خطبته حتى فرغ سليك من صلاته"، رواه الدارقطني (٢) بما حاصله أنه مرسل، والمرسل حجة عندهم، وقال أيضًا: فيما قاله ابن العربي (٣) من أنه - صلى الله عليه وسلم -


(١) انظر: "صحيح مسلم" بشرح النووي (٣/ ٤٣٠).
(٢) انظر: "سنن الدارقطني" (٢/ ١٥، ١٦).
(٣) انظر: "عارضة الأحوذي" (٢/ ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>