للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال هذا القائل أيضًا: وأما ما رواه الطحاوي عن عبد الله بن صفوان أنه دخل المسجد وابن الزبير يخطب فاستلم الركن، ثم سلَّم عليه، ثم جلس، وعبد الله بن صفوان وعبد الله بن الزبير صحابيان صغيران، فقد استدل به الطحاوي (١)، فقال: لما لم ينكر ابن الزبير على ابن صفوان ولا من حضرهما من الصحابة ترك التحية، فدل على صحة ما قلناه، وتعقب بأن تركهم النكير لا يدل على تحريمها (٢)، بل يدل على عدم وجوبها, ولم يقل به مخالفوهم.

قلت: هذا التعقيب متعقَّبٌ لأنه ما ادَّعى تحريمها حتى يرد ما استدل به الطحاوي، ولم يقل هو ولا غيره بالحرمة، وإنما دعواهم أن الداخل ينبغي أن يجلس ولا يصلي شيئًا، والحال أن الإِمام يخطب، وهو الذي ذهب إليه الجمهور من الصحابة والتابعين.

قلت: وهذا الذي قاله العلامة العيني (٣) بظاهره مخالف لما في كتب الحنفية فإنهم صرحوا بالكراهة المطلقة، وهو مرادف للحرمة، وبعضهم صرحوا بالحرمة، قال في "البدائع" (٤): وأما محظورات الخطبة فمنها: أنه يكره الكلام حالة الخطبة، وكذا قراءة القرآن وكذا الصلاة، ثم قال: وكذا كل ما شغل عن سماع الخطبة من التسبيح والتهليل والكتابة ونحوها، بل يجب عليه أن يستمع ويسكت.

وقال في "المبسوط": الإِمام إذا خرج فخروجه يقطع الصلاة، حتى يكره افتتاحها بعد خروج الإِمام، ثم قال: ولأن الاستماع واجب، والصلاة تشغله عنه، ولا يجوز الاشتغال بالتطوع وترك الواجب، انتهى.


(١) "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٧٠).
(٢) هكذا في "الفتح" (٢/ ٤١٠)، والعيني (٥/ ١٠٦). (ش).
(٣) انظر: "عمدة القاري" (٥/ ١٠٥، ١٠٦).
(٤) "بدائع الصنائع" (١/ ٥٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>