للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا, وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ, وَرَفَعَ يَدَيْهِ, فَدَعَا وَاسْتَسْقَى وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ". [خ ١٠٢٥، م ٨٩٤، ت ٥٥٦، ن ١٥٠٩، جه ١٢٦٧، حم ٤/ ٣٨]

===

أي يطلب السقي بالغيث (فصلَّى بهم) أي بالصحابة (ركعتين جهر بالقراءة فيهما، وحَوَّل رداءه) وسيجيء طريق التحويل، (ورفع يديه) للدعاء (فدعا) أي الله تعالى بالحمد والثناء (واستسقى) أي طلب الغيث (واستقبل القبلة) في الدعاء.

وفي هذا الحديث وأمثاله دلالة على مشروعية صلاة الاستسقاء، وبذلك قال جمهور العلماء من السلف والخلف، ولم يخالف في ذلك إلَّا أبو حنيفة - رحمه الله تعالى-، قاله الشوكاني في "النيل" (١).

قلت: اختلف علماء الحنفية في بيان مذهب الإِمام، فقال بعضهم: إن الإِمام أنكر سنية صلاة الاستسقاء في جماعة، ولم ينكر مشروعيته، قال صاحب "الهداية" (٢): قال أبو حنيفة - رحمه الله -: ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، وإن صلَّى الناس وحدانًا جاز، وإنما الاستسقاء الدعاء والاستغفار لقوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} (٣) الآية، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - استسقى ولم ترو عنه الصلاة.

قال ابن الهمام (٤): يعني في ذلك الاستسقاء، فلا يرد أنه غير صحيح، كما قال الإِمام الزيلعي: المخرج ولو تعدى بصره إلى قدر سطر حتى رأى قوله في جوابهما، قلنا: فعله مرة وتركه أخرى، فلم يكن سنة، ولم يحمله على النفي مطلقًا، وإنما يكون سنَّة ما واظب عليه، وقال بعضهم: أنكر الإِمام مشروعية صلاة الاستسقاء بجماعة.


(١) "نيل الأوطار" (٢/ ٦٤٩).
(٢) (١/ ٨٧).
(٣) سورة نوح: الآية ١٠.
(٤) "فتح القدير" (٢/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>