للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ (١) -صلى الله عليه وسلم- مُتَبَذِّلاً مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى - زَادَ عُثْمَانُ: فَرَقِىَ عَلَى الْمِنْبَرِ, ثُمَّ اتَّفَقَا - وَلَمْ يَخْطُبْ خُطَبَكُمْ هَذِهِ,

===

(خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) أي إلى المصلى (متبذلًا) لابسًا ثياب البذلة، تاركًا لثياب الزينة، تواضعًا لله تعالى على خلاف العيد والجمعة (متواضعًا) أي مظهرًا للتواضع (متضرعًا) مظهرًا للضراعة، وهي التذلل عند طلب الحاجة.

(حتى أتى المصلى، زاد عثمان: فرقي على المنبر) أي اختلف النفيلي وعثمان بن أبي شيبة في ذكر المنبر، فلم يذكره النفيلي، وذكره عثمان، قال: فرقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، وسيأتي البحث فيه في حديث عائشة (ثم اتفقا) أي النفيلي وعثمان بن أبي شيبة فقالا: (فلم يخطب) النبي - صلى الله عليه وسلم - (خطبكم هذه) بصيغة الجمع، وفي نسخة: خطبتكم بالإفراد.

قال الشوكاني (٢): هذا النفي متوجه إلى القيد لا إلى المقيد، كما يدل على ذلك الأحاديث المصرحة بالخطبة، ويدل عليه- أيضًا- قوله في هذا الحديث: "فرقي المنبر ولم يخطب خطبتكم هذه" فلا يصح التمسك به لعدم (٣) مشروعية الخطبة.

قلت: ظاهر هذا الكلام أن النفي راجع إلى المقيد والقيد جميعًا، ولم يخطب - صلى الله عليه وسلم - في هذه المرة، فلا تكون الأحاديث المصرحة بالخطبة دليلًا على الخطبة في هذه المرة، وأما قوله في الحديث: "فرقي المنبر" فهو مختلف فيه، ذكره عثمان فقط في رواية أبي داود، ومحمد بن عبيد بن محمد في رواية النسائي.

فأما عثمان فله مع كونه ثقة أوهام وغرائب ومناكير، قال الخطيب في "جامعه": لم يحك عن أحد من المحدثين من التصحيف في القرآن الكريم أكثر


(١) وفي نسخة: "النبي".
(٢) "نيل الأوطار" (٢/ ٦٥٠).
(٣) وقع في الأصل: "على عدم"، وفي "النيل": "لعدم".

<<  <  ج: ص:  >  >>