للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَاسْتَقْدَمَ فَصَلَّى، فَقَامَ بِنَا كَأَطْوَلِ مَا قَامَ بِنَا في صَلَاةٍ قَطٌّ،

===

قاله الخطابي في "المعالم" (١)، وكذا قال الأزهري في "التهذيب".

قلت: وما أدري ما حملهم على تخطئة لفظ "بارز"، وما الدليل على ذلك، فإنه لما اتفقت النسخ كلها على هذا اللفظ، ووافقه رواية أحمد في "المسند"، وليس في الحديث ما يخالف ذلك، فلا معنى لإنكاره وتخطئته.

ثم قد يؤيد ذلك أن سمرة يقول في القيام والركوع والسجود: ولا نسمع له صوتًا، فلو حمل عدم سماعه الصوت في القيام على بعده منه - صلى الله عليه وسلم - لا معنى لعدم سماعه الصوت في الركوع والسجود، بل يدل هذا على أنه كان قريبًا منه - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع صوت القراءة كما لا يسمع صوت التسبيحات, لأنه - صلى الله عليه وسلم - يسر بالقراءة كما يسر بالتسبيحات، والله تعالى أعلم.

(فاستقدم) أي تقدم أمامًا (فصلى، فقام بنا) قيامًا (كأطول ما قام بنا) أي قيام قام بنا (في صلاة قط). حاصله: أن القيام الذي كان في هذه الصلاة كان كأطول قيام كان قبله في صلاة، قال في "القاموس": وما رأيته قط ويضم ويخففان، وقط مشددة مجرورة بمعنى الدهر مخصوص بالماضي، أي فيما مضى من الزمان، أو فيما انقطع من عمري، ثم قال: وتختص بالنفي ماضيًا، وتقول العامة: لا أفعله قط، وفي مواضع من البخاري جاء بعد المثبت، منها في الكسوف "أطول صلاة صليتها قط"، انتهى.

قال في "درجات مرقاة الصعود (٢) ": به استعمال قط في إثبات، وهو خاص بنفي بإجماع النحاة، فخرجه الشيخ جمال الدين بن هشام على أنه أوقعه بعد ما مصدرية كما تقع ما نافية، وقال الرضي: فربما استعملت بلا نفي لفظًا ومعنى نحو كنت أراه قط أي دائمًا، ولفظًا لا معنى نحو هل رأيت الذئب قط، قلت: فدعوى الإجماع يبطلها هذا، انتهى.


(١) "معالم السنن" (١/ ٢٥٨).
(٢) (ص ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>