للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والجواب عن الأول، أولًا: أن الآية نزلت في صلاة الخوف لا في صلاة السفر، كما هو رأي بعض العلماء، ويشير إليه أقوال بعض الصحابة.

وأما ثانيًا: فلو سلم أنها نزلت في صلاة السفر غير معارض له أيضًا، فإن معنى الحديث أن الصلاة فرضت في أول ما فرضت ركعتين ركعتين في السفر والحضر إلَّا المغرب، فإنها وتر النهار، ثم زيدت في الحضر، أي لما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، فرضت الصلاة رباعية إلَّا في الفجر، فإنها لطول القراءة فيها أقرت على الركعتين، ثم نزلت (١) آية القصر بقوله: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا} فإطلاق (٢) القصر عليه بما كان زيد فيها لا باعتبار أصل الصلاة، فإنه يدل على أن إطلاق القصر عليه باعتبار ما زيد فيه في الحضر لا باعتبار مطلق الصلاة، فإنه كان زيد فيه بإطلاق اللفظ لا بخصوصية الحضر، وكان في علم الله مخصوصة بالحضر، فأطلق القصر عليه باعتبار إطلاق ظاهر اللفظ.

قال الحافظ في "الفتح" (٣): والذي يظهر لي- وبه تجتمع الأدلة السابقة- أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلَّا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة عقب الهجرة إلَّا الصبح، كما روى ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي (٤) من طريق الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: فرضت صلاة الحضر والسفر


(١) في سنة رابعة، كذا في "التلقيح" (ص ٣٩). (ش).
(٢) ولم يرض به الشامي، وقال: هذا عند الشافعي، وأما عندنا فالمراد بالقصر في الآية قصر الهيئة في الخوف. (انظر: "رد المحتار" ٢/ ٧٢٧). (ش).
(٣) وبنحوه جزم ابن القيم في "الهدي" (١/ ٤٦٧)، إذ قال: وشرع لهم مع القبلة الأذان، وزاد في الظهر والعشاء ركعتين بعد أن كانت ثنائية، انتهى، وظاهر كلام ابن العربي يدل على أنه زيد في الإسراء، فتأمل "عارضة الأحوذي" (٣/ ١٤). (ش).
(٤) انظر: "صحيح ابن خزيمة" (٣٠٥)، و"صحيح ابن حبان" (٢٧٣٨)، و"السنن الكبرى" (١/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>