للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وحملوا الروايات التي فيها الجمع في السفر على الجمع الصوري، لأنه - صلى الله عليه وسلم - صلَّى أول الصلاة في آخر وقتها، وثانيتها في أول وقتها لئلا يعارض خبر الواحد الآية القطعية، والأحاديث الصحيحة تؤيد ذلك الحمل على الجمع الصوري، فإنه روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما- بطرق مختلفة: "صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر في المدينة في غير خوف ولا سفر، قال أبو الزبير: فسألت سعيدًا لم فعل ذلك؟ قال: سألت ابن عباس كما سألتني، قال: أراد أن لا يُحرِجَ أحدًا من أمته"، أخرجه مسلم.

وفي أخرى عنه عند مسلم: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك، فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال سعيد: فقلت لابن عباس: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يُحرِجَ أمته".

وفي رواية عنه عند مسلم وفيها: "في غير خوف ولا مطر"، وفي رواية عنه: "قال: صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانيًا جميعًا وسبعًا جميعًا, قلت: يا أبا الشعثاء! أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء، قال: وأنا أظنه ذلك" (١).

وقد قال الترمذي في آخر كتابه: ليس في كتابي حديث أجمعت الأمة على ترك العمل به إلَّا حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر، وفي رواية: ولا سفر، وحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة (٢)، ومعنى قول الترمذي: أجمعت الأمة على ترك العمل به، أي من غير تأويل، وإلَّا فالحنفية عملوا بها بتأويل الجمع الصوري.

وقد روى البيهقي عن أبي العالية عن عمران "الجمع من غير عذر من الكبائر"، وأعله البيهقي بالإرسال، قال: أبو العالية لم يسمع من عمر، ورد


(١) انظر: "صحيح مسلم" (٧٠٥ - ٧٠٦).
(٢) انظر: "علل الترمذي" (ص ١).

<<  <  ج: ص:  >  >>