للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

هذا الذي قال في عثمان يخالف ما في كتب الحديث عن ابن عمر "أن عثمان قصر في ابتداء خلافته ثم أتم"، قال الحافظ في "الفتح": وفي ذكر عثمان إشكال, لأنه كان في آخر أمره يتم الصلاة كما تقدم قريبًا، فيحمل على الغالب (١). أو المراد به: أنه كان لا يتنفل في أول أمره ولا في آخره، وأنه إنما كان يتم إذا كان نازلًا، وأما إذا كان سائرًا فيقصر، فلذا قيده في هذه الرواية بالسفر، وهذا أولى لما تقدم تقريره في الكلام على تأويل عثمان، انتهى (٢).

قلت: وفي الحديث إشكال آخر، وهو أن حديث ابن عمر هذا يدل على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر لا يسبحون، وروي عن ابن عمر "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسبِّح"، وإليه أشار الترمذي في "سننه" (٣) فقال: وروي عن ابن عمر "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطوع في السفر قبل الصلاة ولا بعدها"، وروي عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان يتطوع في السفر" فما وجه التوفيق بينهما؟

قال العيني (٤): وجه التوفيق ما قال شيخنا زين الدين - رحمه الله -: الجواب أن النفل المطلق وصلاة الليل لم يمنعهما ابن عمر ولا غيره، فأما السنن الرواتب فيحمل حديثه المتقدم على الغالب من أحواله في أنه لا يصلي الرواتب، وحديثه في هذا الباب على أنه فعله في بعض الأوقات لبيان استحبابها، وإن لم يتأكد فعلها فيه كتأكده في الحضر، أو أنه كان نازلًا في وقت الصلاة، ولا شغل له يشتغل به عن ذلك، أو سائرًا وهو على راحلته،


= العيني (٥/ ٤١٢) وجوهه، وسيأتي في البذل في "باب الصلاة بمنى" من كتاب الحج. (ش).
(١) وأجاب النووي بأن إتمام عثمان كان مخصوصًا بمنى، "شرح صحيح مسلم" للنووي (٣/ ٢١٨). (ش).
(٢) انظر: "فتح الباري" (٢/ ٥٧٨).
(٣) "سنن الترمذي" (٥٥٠ - ٥٥١).
(٤) انظر: "عمدة القاري" (٥/ ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>