قبل أن يصلي الطائفة الأولى ركعتهم الثانية، وحاصل ما في ابن جرير من إفراد الضمير: أن الطائفة الأولى لما صلوا ركعتهم الأولى مع الإِمام، وبقي الإِمام قائمًا في الركعة الثانية، صلوا ركعتهم الثانية قبل أن يصلي الطائفة الثانية ركعتيه.
وما في ابن جرير عندي هو الأقرب إلى الصواب، فإن الإِمام أحمد أخرج في "مسنده"(١): حدثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن القاسم عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، أما عبد الرحمن فرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأما يحيى فذكر عن سهل، قال: يقوم الإِمام وصف خلفه، وصف بين يديه، فيصلي بالذين خلفه ركعة وسجدتين، ثم يقوم قائمًا حتى يصلوا ركعة أخرى، ثم يتقدمون إلى مكان أصحابهم، ثم يجيء أولئك فيقومون مقام هؤلاء فيصلي بهم ركعة وسجدتين، ثم يقعد حتى يقضوا ركعة أخرى، ثم يسلِّم عليهم، ففي هذا الحديث تصريح بأن أهل الصف الأول صلوا ركعتيهم قبل أهل الصف الثاني.
ويمكن أن يوجه سياق أبي داود وسياق مسلم بأن يقال: معنى قوله: فجعلهم خلفه صفين، بأن الصف الأول كان خلفه حقيقة، وأما الصف الثاني فكان وجاه العدو حقيقة، وكونه خلف الإِمام حكمًا ومجازًا بأنه سيكون خلفه.
ونظيره ما أخرجه ابن جرير في "تفسيره" بسنده عن ابن عباس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى بذي قرد، فصف الناس خلفه صفين، صفًا خلفه وصفًا موازي العدو" الحديث، فصلَّى الإِمام بالذين يلونه ركعة مع سجدتيها وهم الصف الأول، ثم قام الإِمام إلى الركعة الثانية، فلم يزل