للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ يُصَلِّى لَيْلاً طَوِيلاً قَائِمًا, وَلَيْلاً طَوِيلاً جَالِسًا, فَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ, وَإِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَاعِدٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ,

===

والباقي صلاة الليل؟ فالمفهوم من الأحاديث الواردة في الوتر أن جميعها وتر، وليس صلاة الليل غير الوتر إلَّا في حق من صلَّى الوتر قبل، ثم نام، وقام، وصلَّى، فإن ذلك حينئذ صلاة الليل، انتهى (١).

وهو خلاف المذهب، فإن الوتر غير التهجد، فإن الأول واجب منحصر في ثلاث ركعات بسلام واحد عندنا، غير مقيد بوقت من آخر الليل، أو أوله بشرط وقوعه بعد العشاء سواء بعد نوم أو قبله إلَّا أن الأفضل تأخيره إلى آخر الليل لمن يثق بالانتباه لقوله عليه السلام: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا"، وأما الثاني: فسنَّة بالاتفاق، وهو مقيد بآخر الليل مطلقًا، أو بنوم قبله.

(وكان يصلي ليلاً طويلًا) أي في الليل زمانًا طويلًا (قائمًا، وليلاً طويلًا جالسًا) قال في "المفاتيح": يعني يصلي صلاة كثيرة من القيام والقعود، أو يصلي ركعات مطولة في بعض الليالي من القيام، وفي بعضها من القعود (فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم) أي لا يقعد قبل الركوع. قاله ابن حجر، وقال الطيبي: أي ينتقل من القيام إليهما، وكذا التقدير فيما بعده.

(وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد) أي لا يقوم للركوع، قال الطحاوي: ذهب قوم إلى كراهة (٢) الركوع قائمًا لمن افتتح الصلاة قاعدًا، وخالفهم آخرون فلم يروا به بأسًا.

قلت: لأنه انتقال إلى الأفضل، وقال: حجتهم ما روي بأسانيد عن عائشة: "أنها لم تر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي صلاة الليل قاعدًا قط حتى أسن، فكان يقرأ قاعدًا حتى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوًا من ثلاثين آية، ثم ركع"،


(١) انظر: "مرقاة المفاتيح" (٣/ ٢٤٢ - ٢٤٣).
(٢) وذهب محمد وأبو يوسف إلى كراهة عكسه كما تقدم، والأربعة على جواز الصورتين معًا. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>