للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

إذا عملت عملاً داومت عليه، فمن ثم فعلتهما ونهيت غيري عنهما، انتهى، لكن خالف كلامه حيث قال: ومن هذا أخذ الشافعي أن ذات السبب لا تكره في تلك الأوقات حيث لا تحري، انتهى، ولا يخفى أنه إذا كان من خصوصياته، فلا يصلح للاستدلال، والله أعلم.

قال القاضي: اختلفوا في جواز الصلاة في الأوقات الثلاثة، وبعد صلاة الصبح إلى الطلوع، وبعد صلاة العصر إلى الغروب، فذهب داود إلى جواز الصلاة فيها مطلقًا، وقد روي عن جمع من الصحابة، فلعلهم لم يسمعوا نهيه عليه الصلاة والسلام، أو حملوه على التنزيه دون التحريم، وخالفهم الأكثرون، فقال الشافعي: لا يجوز فيها فعل صلاة لا سبب لها، أما الذي له سبب كالمنذورة وقضاء الفائتة فجائز؛ لحديث كريب عن أم سلمة، واستثنى أيضًا مكة، واستواء الجمعة، لحديثي جبير بن مطعم، وأبي هريرة، وقال أبو حنيفة: يحرم فعل كل صلاة في الأوقات الثلاثة، سوى فعل عصر يومه عند الاصفرار، ويحرم المنذورة، والنافلة بعد الصلاتين دون المكتوبة الفائتة، وسجدة التلاوة، وصلاة الجنازة. وقال مالك: يحرم فيها النوافل دون الفرائض، ووافقه أحمد، غير أنه جوز فيها ركعتي الطواف، انتهى.

قلت: وخلاصة الكلام (١) في هذا الباب أن كثيرًا من الصحابة رووا عنه - صلى الله عليه وسلم - النهي عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب، حتى شركتهم عائشة -رضي الله عنها -، وروت: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وعن صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس".

ثم روت أم سلمة وعائشة -رضي الله عنهما- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاهما بعد العصر، فالذي روت أم سلمة: أنها سألت عنه - صلى الله عليه وسلم - إنك تنهى عن هاتين


(١) قال ابن العربي: حاصل الأقوال في ذلك خمسة: (١) لا صلاة فيهما. (٢) لا نفل فيهما، (٣) لا نفل التي لا سبب لها، (٤) لا صلاة فيهما ولا عند الزوال، (٥) إلا بمكة، ثم بسط دلائل كل قول، وراجع: "الأوجز" (٤/ ٣٦٥). (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>