للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَيُصَلِّى لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ مَا شِئْتَ, فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَشْهُودَةٌ مَكْتُوبَةٌ، حَتَّى يَعْدِلَ الرُّمْحُ ظِلَّهُ، ثُمَّ أَقْصِرْ، فَإِنَّ جَهَنَّمَ تُسْجَرُ وَتُفْتَحُ أَبْوَابُهَا،

===

والآخرين، وكله تمثيل لمن يسجد له، وكأن الشيطان سوَّل له لك، فإذا سجد لها كان كأن الشيطان مقترن بها.

وقال النووي (١): أي حزبيه الذين يبعثهما للإغواء، قيل: جانبي رأسه، فإنه يدني رأسه إلى الشمس في هذين الوقتين؛ ليكون الساجدون لها كالساجدين له، ويخيل لنفسه ولأعوانه أنهم يسجدون له، وحينئذ يكون له ولشيعته تسلط في تلبيس المصلين، كذا في "المجمع" (٢).

(ويصلي لها) أي للشمس (الكفار) والمراد بالصلاة العبادة (ثم) أي بعد ما ارتفعت الشمس قدر رمح (صلِّ ما شئت، فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى يعدل الرمح ظله) ولفظ سلم: "حتى يستقل الظل بالرمح"، قال ابن الملك: يعني لم يبق ظل الرمح، وهكذا بمكة والمدينة وحواليهما في أطول يوم في السنة، فإنه لا يبقى عند الزوال ظل على وجه الأرض، بل يرتفع عنها، ثم إذا مالت الشمس من جانب المشرق إلى جانب المغرب، وهو أول وقت الظهر، يقع الظل على الأرض، وقيل: من القلة، يقال: استقله، أي حتى يقل الظل الكائن بالرمح أدنى غاية القلة، وهو المسمَّى بظل الزوال، قاله القاري (٣).

فمعنى لفظ أبي داود: "حتى يعدل الظل رمحه"، أي يساوي ظل الرمح الرمح، بأنه لا يظهر من أحد الجانبين الشرقي أو الغربي (ثم) أي إذا ساوى ظل الرمح الرمح (أقصر) أي انته عن الصلاة (فإن جهنم تسجر) بالتشديد والتخفيف مجهولاً، أي توقد حينئذ، ولعل تسجيرها حينئذ لمقارنة الشيطان الشمس، وتهيُّئ عباد الشمس أن يسجدوا لها (وتفتح أبوابها) أي جهنم.


(١) "شرح النووي على صحيح مسلم" (٣/ ٣٧٥).
(٢) "مجمع بحار الأنوار" (٤/ ٢٦٥).
(٣) "مرقاة المفاتيح" (٣/ ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>