مفروضة، والخبر ناطق بالتخيير؛ لقوله:"لمن شاء"، وأجرى المصنف الترجمة مجرى البيان للخبر لجزمه بأن ذلك المراد، وتوارد الشراح على أن هذا من باب التغليب، كقولهم: القمرين للشمس والقمر، ويحتمل أن يكون أطلق على الإقامة أذان؛ لأنها إعلام بحضور فعل الصلاة، كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت، ولا مانع من حمل قوله:"أذانين" على ظاهره؛ لأنه يكون التقدير بين كل أذانين صلاة نافلة غير المفروضة.
(بين كل أذانين صلاة لمن شاء) وقد أخرج البخاري في "باب كم بين الأذان والإقامة" حديث أنس، وفيه:"وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب ولم يكن بينهما شيء".
قال الحافظ (١): وحمل بعض العلماء حديث الباب على ظاهره، فقال: دل قوله: "ولم يكن بينهما شيء" على أن عموم قوله: "بين كل أذانين صلاة" مخصوص لغير المغرب، فإنهم لم يكونوا يصلون بينهما، بل كانوا يشرعون في الصلاة في أثناء الأذان، ويفرغون مع فراغه، قال: ويؤيد ذلك ما رواه البزار من طريق حيان بن عبيد الله، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مثل الحديث الأول، وزاد في آخره:"إلَّا المغرب"، انتهى.
وفي قوله: فيفرغون مع فراغه نظر؛ لأنه ليس في الحديث ما يقتضيه، ولا يلزم من شروعهم في أثناء الأذان ذلك، وأما رواية حيان - وهو بفتح المهملة والتحتانية - فشاذة؛ لأنه وإن كان صدوقًا عند البزار وغيره، لكنه خالف الحفاظ من أصحاب عبد الله بن بريدة في إسناد الحديث ومتنه، وقد وقع في بعض طرقه عند الإسماعيلي:"وكان بريدة يصلي ركعتين قبل صلاة المغرب"،