تُصَلِّي تَخْفِضُ (١) صَوْتَكَ" قَالَ: قَدْ أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: وَقَالَ لِعُمَرَ: "مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَكَ". قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، أُوقِظُ الْوَسْنَانَ وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ".
زَادَ الْحَسَنُ في حَدِيثِهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا أَبَا بَكْرٍ ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ شيْئًا"،
===
تصلي تخفض صوتك) أي لِمَ اخترت هذا؟
(قال) أبو بكر، لما غلب عليه من الشهود والجمال:(قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله) جواب متضمن لعلة الخفض، أي أنا أناجي ربي وهو يسمع، ولا يحتاج إلى رفع الصوت.
(قال: وقال لعمر: مررت بك وأنت تصلي رافعًا صوتك) أي لم اخترت هذا؟ (قال) أبو قتادة: (فقال) عمر، لما غلب عليه من الهيبة والجلال:(يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوقظ) أي أنبه (الوسنان) أي النائم الذي لم يستغرق في نومه (وأطرد) أي أبعد (الشيطان) ووسوته بالغفلة عن ذكر الرحمن، وتأمل في الفرق بين مرتبتيهما ومقاميهما، وإن كان لكل نية حسنة في فعليهما وحاليهما من مرتبة الجمع للأول وحالة الفرق للثاني، والأكمل هو جمع الجمع الذي كان حاله عليه الصلام ودَلَّهما عليه.
(زاد الحسن في حديثه: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -) لكونه الطبيب الحاذق والحبيب المشفق الموصل إلى مرتبة الكمال: (يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئًا) أي قليلًا لينتفع بك السامع ويتعظ مهتدٍ، ولما غلب عليه مزاج التوحيد الحار المحرق ما سوى الله الحق في الدار ليحصل له المقام الجمعي الشهودي بأن لا تحجبه الوحدة عن الكثرة، ولا الخلق عن الحق، وهو أكمل المراتب، وأفضل المناصب الذي هو وظيفة الرسل الكرام وطريقة الأولياء التابعين المكملين العظام.