للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَّا أَنِّي خَشِيْتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ

===

إلَّا أني خشيت أن تفرض عليكم) أي خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها، أي تشق عليكم فتتركوها مع القدرة عليها، وليس المراد العجز الكلي؛ لأنه يسقط التكليف من أصله.

ثم إن ظاهر هذا الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - توقع ترتب افتراض الصلاة بالليل جماعة على وجود المواظبة عليها، وفي ذلك إشكال.

وأجاب المحب الطبري بأنه يحتمل أن يكون الله عَزَّ وجلَّ أوحى إليه أنك إن واظبت على هذه الصلاة معهم افترضتها عليهم، فأحب التخفيف عنهم فترك المواظبة.

قال: ويحتمل أن يكون ذلك وقع في نفسه كما اتفق في بعض القُرَب التي داوم عليها فافترضت.

وقيل: خشي أن يظن أحد من الأمة من مداومته عليها الوجوب، وإلى هذا الأخير نحا القرطبي فقال: قوله: "فتفرض عليكم" أي: تظنونه فرضًا، فيجب على من ظن ذلك، كما إذا ظن المجتهد حل شيء أو تحريمه فإنه يجب عليه العمل به.

قال: وقيل: كان حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا واظب على شيء من أعمال البر واقتدى الناس به فيه أنه يفرض عليهم، انتهى.

وقال ابن بطال: يحتمل أن يكون هذا القول صدر منه - صلى الله عليه وسلم - لما كان قيام الليل فرضًا عليه دون أمته، فخشي إن خرج إليهم والتزموا معه قيام الليل أن يسوي الله بينه وبينهم في حكمه, لأن الأصل في الشرع المساواة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين أمته في العبادة.

وقد استشكل الخطابي أصل هذه الخشية مع ما ثبت في حديث الإسراء من أن الله تعالى قال: "هن خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدي"، فإذا أمن التبديل فكيف يقع الخوف من الزيادة؟ وهذا يدفع في صدور الأجوبة التي تقدمت.

<<  <  ج: ص:  >  >>