للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقد أجاب عنه الخطابي بأن صلاة الليل كانت واجبة عليه - صلى الله عليه وسلم -، وأفعاله الشرعية يجب على الأمة الاقتداء به فيها - يعني عند المواظبة -، فترك الخروج إليهم لئلا يدخل ذلك في الواجب من طريق الأمر بالاقتداء به لا من طريق إنشاء فرض جديد زائد على الخمس، وهذا كما يوجب المرء على نفسه صلاة نذر فتجب عليه، ولا يلزم من ذلك زيادة فرض في أصل الشرع.

قال: وفيه احتمال آخر، وهو أن الله فرض الصلاة خمسين، ثم حطَّ معظمها بشفاعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فإذا عادت الأمة فيما استوهب لها والتزمت ما استعفى لهم نبيهم - صلى الله عليه وسلم - منه لم يستنكر أن يثبت ذلك فرضًا عليهم، كما التزم ناس الرهبانية من قبل أنفسهم، ثم عاب الله عليهم التقصير فيها فقال: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} (١)، فخشي - صلى الله عليه وسلم - أن يكون سبيلهم سبيل أولئك، فقطع العمل شفقة عليهم من ذلك.

وقد تلقى هذين الجوابين من الخطابي جماعة من الشراح كابن الجوزي، وهو مبني على أن قيام الليل كان واجبًا عليه - صلى الله عليه وسلم - وعلى وجوب الاقتداء بأفعاله، وفي كل من الأمرين نزاع.

وأجاب الكرماني بأن حديث الإسراء يدل على أن المراد بقوله تعالى: {لا يبدل القول لدي}، الأمن من نقص شيء من الخمس، ولم يتعرض للزيادة، انتهى. لكن في ذكر التضعيف بقوله: "هن خمس وهن خمسون"، إشارة إلى عدم الزيادة أيضًا, لأن التضعيف لا ينقص عن العشر.

ودفع بعضهم في أصل السؤال بأن الزمان كان قابلًا للنسخ، فلا مانع من خشية الافتراض، وفيه نظر، لأن قوله: {لا يبدل القول لدي} خبر، والنسخ لا يدخله على الراجح.


(١) سورة الحديد: الآية ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>