للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يدل ذلك على أنه صواب، فكان في الحديث دليل على كون ابن آدم مأمورًا بالسجود، ومطلق الأمر للوجوب (١)، ولأن الله تعالى ذم أقوامًا بترك السجود فقال: {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} (٢)، وإنما يستحق الذم بترك الواجب.

وأما استدلالهم بحديث الأعرابي بأنه قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لا، إلَّا أن تطوع، ففيه بيان الواجب ابتداءً لا ما يجب بسبب يوجد من العبد، ألا ترى أنه لم يذكر المنذور وهو واجب.

ثم اعلم أنه وقع الاختلاف في عدد سجود القرآن، فقال بعضهم: مواضع السجود خمسة عشر موضعًا، وذهب إلى ذلك: أحمد، والليث، وإسحاق، وابن وهب، وابن حبيب من المالكية، وابن المنذر، وابن سريج من الشافعية، وطائفة من أهل العلم، فأثبتوا في الحج سجدتين، وفي ص سجدة، وذهب أبو حنيفة وداود إلى أنها أربع عشرة سجدة، إلا أن أبا حنيفة لم يعد في سورة الحج إلَّا لسجدة واحدة، وعد لسجدة ص، وذهب الشافعي في القديم والمالكية إلى أنها إحدى عشرة، وأخرج سجدات المفصل وهي ثلاث (٣)، وذهب في قوله الجديد إلى أن أربع عشرة سجدة، وعد منها سجدات المفصل وسجدتين في الحج، ولم يعد سجدة ص.

واعلم أن أول مواضع السجود خاتمة الأعراف، وثانيها عند قوله في الرعد: {بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ}، وثالثها عند قوله في النحل: {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}، ورابعها عند قوله في بني إسرائيل: {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا}، وخامسها عن قوله


(١) وبالأمر في قوله تعالى: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} والأمر للوجوب. كذا في "حاشية البخاري". (ش).
(٢) سورة الانشقاق: الآية ٢١.
(٣) وقال الشاه ولي الله في "تراجم البخاري" (ص ٣٠١): إن مالكًا -رضي الله عنه - لم ينكرها بل قال: ليست مؤكدة، فاشتهر عنه أنه لم يقلها - فتأمل. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>