للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَفًّا مِنْ حَصًا أَوْ تُرَاب، فَرَفَعَهُ إِلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَلَقَدْ رَأيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا". [خ ١٠٧٠، م ٥٧٦، ق ٢/ ٣٢٣]

===

(كفا من حصل أو تراب) شك من الراوي (فرفعه إلى وجهه وقال: يكفيني هذا) أي ولم يسجد، (قال عبد الله: فلقد رأيته بعد ذلك قتل كافرًا) (١).

واعلم أن ها هنا قصة (٢) يلزم التعرض لها، وهي أنه أخرج ابن أبي حاتم والطبري وابن المنذر من طرق، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال: قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة "والنجم" فلما بلغ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} (٣) ألقى الشيطان على لسانه: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى، فقال المشركون: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا، فنزلت هذه الآية: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ} الآية (٤).

وأخرجه البزار وابن مردويه من طريق أمية بن خالد عن شعبة فقال في


(١) وأفاد شيخ مشايخنا الدهلوي في "حجة الله البالغة" (٢/ ١٤): وتأويل الحديث عندي أن في ذلك الوقت ظهر الحق ظهورًا بينًا، فلم يكن لأحد إلا الخضوع والاستسلام، فلما رجعوا إلى طبيعتهم كفر من كفر، وأسلم من أسلم، ولم يقبل شيخ من قريش تلك الغاشية الإلهية لقوة الختم على قلبه إلَّا بأن رفع التراب إلى الجبهة، فعجل تعذيبه بأن قتل ببدر، انتهى. قلت: وقريب منه ما أفاده الشيخ الجنجوهي على ما حكاه الوالد في تقرير الترمذي في "الكوكب الدري" (٢/ ٤٥٤)، وحكى العيني (٥/ ٣٤٨) عن "المعجم الكبير": أن القصة وقعت في أول الإِسلام، وكان يسجدون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى لا يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام حتى قدم رؤساء قريش: الوليد بن المغيرة وأبو جهل وغيرهما، وكانوا بالطائف في أرضهم، فقالوا: تدعون دين آبائكم؟ . (ش).
(٢) وبسط الكلام عليها في مقدمة "التفسير الحقاني" (ص ٨٢)، "والجمل" (٥/ ٢٠٧). (ش).
(٣) سورة النجم: الآية ١٩، ٢٠.
(٤) سورة الحج: الآية ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>