للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ومن جاورهم من العرب الفصحاء، ثم أبيح للعرب أن يقرؤوه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب، ولم يكلف أحد منهم الانتقال من لغته إلى لغة أخرى للمشقة، ولما كان فيهم من الحمية ولطلب تسهيل فهم المراد، كل ذلك مع اتفاق المعنى، وعلى هذا ينزل اختلافهم في القراءة كما تقدم، وتصويب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلا منهم.

وقال الزرقاني (١): واختلف في ذلك على نحو أربعين قولًا، أكثرها غير مختار، قال ابن العربي: لم يأت في ذلك نص ولا أثر، وقال أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي: هذا من المشكل الذي لا يدرى معناه, لأن الحرف يأتي لمعان للهجاء وللكلمة وللمعنى وللجهة، انتهى.

وأقربها قولان: أحدهما: أن المراد سبع لغات، وعليه أبو عبيدة وثعلب والزهري وآخرون، وصححه ابن عطية والبيهقي.

والثاني: أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة نحو: أقبل وتَعال وهَلُمَّ وعَجِّل وأَسْرع، وعليه سفيان بن عيينة وابن وهب وخلائق، ونسبه ابن عبد البر (٢) لأكثر العلماء، لكن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي، وهو أن كل أحد يغير الكلمة بمرادفها من لغته، بل ذلك مقصور على السماع منه - صلى الله عليه وسلم -، كما يشير إليه قول كل من عمر وهشام: أقرأني النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولئن سلم إطلاق الإباحة بقراءة المرادف ولو لم يسمع، لكن إجماع الصحابة زمن عثمان - رضي الله عنه - الموافق للعرضة الأخيرة يمنع ذلك.

واختلف هل السبعة باقية إلى الآن يقرأ بها أم كان ذلك ثم استقر الأمر على بعضها؟ ذهب الأكثر إلى الثاني كابن عيينة وابن وهب والطبري والطحاوي، وهل استقر ذلك في زمن النبي محمد أم بعده؟ الأكثر على الأول، واختاره الباقلاني


(١) "شرح الزرقاني" (٢/ ١١).
(٢) انظر: "التمهيد" (٨/ ٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>