للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: "لَا تَسْتُرُوا الْجُدُرَ، مَنْ نَظَرَ في كِتَاب أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَإِنَّمَا يَنْظُرُ في النَّارِ، وَسَلُوا الله بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ، وَلَا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا،

===

قال: لا تستروا الجدر) جمع جدار، أي لا تغطوها بالثياب, لأنه زي المتكبرين والمتنعمين.

و(من نظر في كتاب أخيه بغير إذنه)، قال بعضهم: إنما أراد بالكتاب الذي فيه أمانة، أو شيء يكره صاحبه أن يطلع عليه أحد دون الكتب التي فيها علم، فإنه لا يحل منعه، ولا يجوز كتمانه، وقيل: عام في كل كتاب، لأن صاحب الشيء أولى بماله، وأحق بمنفعة ملكه، وإنما يأثم بكتمان العلم الذي يسئل عنه، فإما أن يأثم في منفعة كتاب عنده وحبسه عن غيره فلا وجه له.

(فإنما ينظر في النار) قال الخطابي (١): هو تمثيل، يقول كما يحذر النار فليحذر هذا الصنيع، إذ كان معلومًا أن النظر إلى النار والتحديق إليها يضر بالبصر، ويحتمل أن يكون أراد بالنظر إليها الدنو منها والصُّلِيُّ بها، لأن النظر إلى الشيء إنما يتحقق عن قرب المسافة والدنو منه، ويجوز أن يكون معناه كأنما ينظر إلى ما يوجب النار، فأضمره في الكلام.

(وسلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها) قال القاري (٢): قال ابن حجر: لأن اللائق لطالب شيء يناله أن يمد كفه إلى المطلوب، ويبسطها متضرعًا ليملأها من عطائه الكثير المؤذن به رفع اليدين إليه جميعًا، أما من سأل رفع شيء وقع به من البلاء، فالسنَّة أن يرفع إلى السماء ظهر كفيه اتباعًا له عليه الصلاة والسلام، وحكمته التفاؤل في الأول بحصول المأمول، وفي الثاني بدفع المحظور.


(١) "معالم السنن" (١/ ٢٩٣ - ٢٩٤).
(٢) "مرقاة المفاتيح" (٥/ ٢٠، ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>