للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَإِذَا فَرَغْتُمْ فَامْسَحُوا بِهَا وُجُوهَكُمْ". [ق ٢/ ٢١٢، ك ٤/ ٢٧٠، جه ٣٨٦٦]

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: (١) رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عن مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ كُلُّهَا وَاهِيَة،

===

(فإذا فرغتم) أي من الدعاء (فامسحوا بها) أي بأكفكم (وجوهكم) فإنها تنزل عليها آثار الرحمة فتصل بركتها إليها، وقول ابن عبد السلام: لا يسن مسح الوجه بهما، ضعيف، إذ ضعف حديث المسح لا يؤثر لما تقرر أن الضعيف حجة في الفضائل اتفاقًا.

ويخالف هذا الحديث بظاهره ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (٢) عن أنس "أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلَّا في الاستسقاء، حتى يرى بياض إبطيه".

قال النووي (٣): هذا الحديث يوهم ظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يرفع يديه إلَّا في الاستسقاء، وليس الأمر كذلك، بل قد ثبت رفع يديه - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء، وهي أكثر من أن تحصر، وقد جمعت منها نحوًا من ثلاثين حديثًا من الصحيحين أو أحدهما، وذكرتها في أواخر باب صفة الصلاة من "شرح المهذب" (٤)، ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث يرى بياض إبطيه إلَّا في الاستسقاء، أو أن المراد: لم أره رفع، وقد رآه غيره رفع، فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك، ولا بد من تأويله لما ذكرناه، والله أعلم، انتهى.

(قال أبو داود: روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية)، وقد روى هذا الحديث ابن ماجه (٥): حدثنا محمد بن الصباح، ثنا عائذ


(١) زاد في نسخة: "قد".
(٢) "صحيح مسلم" (٨٩٦).
(٣) "شرح صحيح مسلم" (٣/ ٤٥٨).
(٤) انظر: (٣/ ٤٨٧).
(٥) "سنن ابن ماجه" (٣٨٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>