للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كَانَ أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِى الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ»

===

أنس: (كان أكثر دعوة) أي دعاء (يدعو) النبي - صلى الله عليه وسلم - (بها: اللهُمَّ ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة).

قال الحافظ (١): قد اختلفت (٢) عبارات السلف في تفسير الحسنة، فعن الحسن قال: هي العلم والعبادة في الدنيا، والرزق الطيب والعلم النافع، وفي الآخرة الجنة، وعن قتادة: العافية في الدنيا والآخرة، وعن السدي ومقاتل: حسنة الدنيا الرزق الحلال الواسع [والعمل الصالح]، وحسنة الآخرة المغفرة والثواب، وعن عطية: حسنة الدنيا العلم والعمل به، وحسنة الآخرة تيسير الحساب ودخول الجنة.

وقال الشيخ عماد الدين بن كثير (٣): الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، وولد بار، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هنيء، وثناء جميل إلى غير ذلك، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا، وأما الحسنة في الآخرة فأعلاها دخول الجنة وتوابعها من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات، وتيسير الحساب، وغير ذلك من أمور الآخرة.

(وقنا عذاب النار) قال الحافظ (٤): وأما الوقاية من عذاب النار فهو يقتضي


(١) "فتح الباري" (١١/ ١٩٢).
(٢) والحديث من أوضح ما استدل به الجهلة في زماننا على مساواة الدنيا بالدين في الطلب مع أنه دعاء، والدعاء، وإن كان للدنيا فعبادة، وأما الطلب: {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا} الآية [الشورى: ٢٠]، وأيضًا فالطلب فيه الحسنة في الدنيا، وهم فسروا الحسنة بما ترى، وقال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} الآية [النازعات: ٣٧] {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً} الآيه [الزخرف: ٣٣]، وفيها: {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الزخرف: ٣٥] , وقال تعالي: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ} الآية [آل عمران: ١٤]. (ش).
(٣) "تفسير ابن كثير" (١/ ٢٤٤).
(٤) "فتح الباري" (١١/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>