للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَا أَبَا مُوسَى, أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟ » فَقُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ». [خ ٤٢٠٥، م ٢٧٠٤، حم ٤/ ٣٩٩]

===

أنهم بالغوا في الجهر وفي رفع أصواتهم، فلا يلزم منه المنع من الجهر مطلقًا، لأن النهي للتيسير والإرفاق لا لكون الجهر غير مشروع (١).

(ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا أبا موسى، ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت: وما هو؟ قال: لا حول ولا قوة إلَّا بالله) خبر مبتدأ محذوف، أي كنز


(١) وأجاب عنه والدي المرحوم عند الدرس بأن السياق يقتضي أن جهرهم كان على سبيل الدعاء، وجهر الذاكرين يكون على سبيل الذكر، وأجاب عنه في "روح البيان": إن ذلك باختلاف المشارب والمقامات، اللائق بحال أهل الغفلات الجهر لقلع الخواطر، وبأحوال أهل الحضور الخفاء. وقال السعدي:
دوست نزديكتر أزمن بمنست ... ويس عجب تركـ من أزو دورم
قلت: وعلى هذا فالصحابة لم يبقوا في درجة من يحتاج إلى الجهر بالذكر، ولذا ترى الصوفية يمنعون على الجهر بالذكر لمن يترقى إلى درجة المشاهدة، ويأمرونه بالمراقبة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أبا بكر وقد قال: "أسمع من ناجيت": "ارفع من صوتك".
وفي "الجامع الصغير" (١/ ١٣٨): اذكروا الله ذكرًا يقول المنافقون: تراؤون، وضَعفُه ينجبر بالشواهد.
منها ما في "المقاصد الحسنة" (ص ٧٤)، عن أبي الجوزاء مرسلًا بمعناه، وعن أبي سعيد مرفوعًا: "أكثروا ذكر الله حتى يقولوا: مجنون"، صححه الحاكم.
وسيأتي أيضًا عن أبي داود في "الجنائز" في "باب الدفن بالليل" وفيه: فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر، وإذا هو يقول: "ناولوني صاحبكم"، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر.
وذكر شيخ المشايخ حضرة الشاه مظهرجان جانان حديث شداد بن أوس عن علي مرفوعًا في تعليمه - صلى الله عليه وسلم - الذكر بالجهر، ولكنه أعلى الله مراتبه قيده بالجهر المتوسط، ورد على المبالغة في الجهر، وهو كذلك عند مشايخنا السادات العظام، فإنهم لا يحبون الإفراط في الجهر، انتهى.
وأورد الشيخ عبد الحي اللكنوي قريبًا من خمسين رواية من الأبواب المختلفة في الجهر بالذكر، وبسطه في "سباحة الفكر" (ص ١٥ - ٣٨) من الرسائل الستة. (ش).

<<  <  ج: ص:  >  >>