للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِى الْيَسَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَدْمِ, وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّى, وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ, وَالْحَرَقِ, وَالْهَرَمِ, وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِى الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ,

===

على فراشه وموته، وعند أبي داود والترمذي حديث في الاستعاذة من الهرم، وغير ذلك، قلت: وصوَّب الذهبي تفرقة النسائي بينهما، وأنهما كبير وصغير، فالكبير روى عن أبي اليسر كعب بن عمرو، وروى عنه محمد بن عجلان، والصغير روى عن أبي السائب، وروى عنه مالك، والله أعلم.

(عن أبي اليسر) بفتح المثناة التحتية والسين المهملة، كعب بن عمرو بن عباد السلمي بفتحتين، شهد العقبة وبدرًا، وهو ابن عشرين سنة، وهو الذي أسر العباس يومئذ، مات بالمدينة سنة ٥٥ هـ، وقيل: إنه آخر من مات من أهل بدر - رضي الله عنهم-، قيل: وأنه مات وله عشرون ومائة سنة.

(أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدعو: اللهُمَّ إني أعوذ بك من الهدم) بسكون

الدال، وهو سقوط البناء، ووقوعه على الشيء، (وأعوذ بك من التردي) أي السقوط من موضع عال، أو السقوط في نحو بئر، (وأعوذ بك من الغرق والحرق) بفتحهما، إنما استعاذ بالهلاك من هذه الأسباب مع ما فيها من نيل الشهادة، لأنها عن مجهدة مقلقة، لا يكاد الإنسان يصبر عليها ويثبت عندها، فلعل الشيطان ينتهز فرصة على ما يضره بدينه، (والهرم) أي أقصى كمال السنن.

(وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت)، قال الخطابي (١): هو أن يستولي عليه عند مفارقة الدنيا، فيضله ويحول بينه وبين التوبة، أو يعوقه عن إصلاح شأنه والخروج من مظلمة تكون قبله، أو يؤيسه من رحمة الله، أو يكرِّه له الموت ويؤسفه على الحياة الدنيا، فلا يرضى بما قضاه الله عليه من الفناء والنُّقلة (٢) إلى الدار الآخرة فيختم له بالسوء.


(١) "معالم السنن" (١/ ٢٩٦).
(٢) في الأصل: "الفقد"، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>