للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفْسَهُ إلَّا بِحَقِّهِ, وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ؟ » فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللَّهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ, فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ,

===

وفي رواية (١) أبي العلاء بن عبد الرحمن: "حتى يشهدوا أن لا إله إلَّا الله، ويؤمنوا بما جئتُ به"، وهذا يعم الشريعة كلها، ومقتضاه أن من جحد شيئًا مما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعي إليه فامتنع، ونصب القتال تجب مقاتلته وقتله إذا أصرَّ، (فمن قال: لا إله إلَّا الله عصم مني مالَه ونفسَه)، فلا يجوز هدرُ دمِه، واستباحةُ مالِه بسبب من الأسباب، (إلَّا بحقه) أي بحق الإِسلام، من قتلِ النفسِ المحرَّمةِ، أو تركِ الصلاة، أو منع الزكاة بتأويل باطل، (وحسابه على الله) فيما يسره، فيثيب المؤمنَ، ويعاقب المنافق، فاحتج عمر - رضي الله عنه - بظاهر ما استحضره، مما رواه من قبل أن ينظر إلى قوله: "إلَّا بحقه".

(فقال) له (أبو بكر) - رضي الله عنه -: (والله لأقاتلن من فرَّق) بتشديد الراء، وقد تُخَفَّفُ (بين الصلاة والزكاة) أي قال: أحدهما واجب دون الآخر. أومنع من إعطاء الزكاة متأَوّلًا، (فإن الزكاة حق المال) كما أن الصلاة حق البدن، فدخلت في قوله: "إلَّا بحقه"، فقد تضمنت عصمة دم ومال معلقة باستيفاء شرائطها، والحكم المعلَّق بشرطين لا يحصل بأحدهما والآخر معدوم، فكما لا تتناول العصمةُ من لم يُوءَدِّ حقَّ الصلاة، كذلك لا تتناول العصمةُ من لم يؤد حق الزكاة، وإذا لم تتناولهم العصمة بقوا في عموم قوله: "أمرت أن أقاتل الناس"، فوجب قتالهم حينئذ.

وهذا من لطيف النظر أن يقلب المعترض على المستدل دليله، فيكون أحق به، فلذلك فعل أبو بكر فسلم له عمر، وقاسه على الممتنع من الصلاة لأنها كانت بالإجماع من رأي الصحابة، فردَّ المختلَفَ فيه إلى المتفق عليه، وفيه دلالة على أن أبا بكر وعمر لم يسمعا من الحديث الصلاة والزكاة،


(١) أخرجه مسلم (٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>