للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

من العروض للتجارات أن الرجل إذا صدَّق مالَه أي دفع صدقته، ثم اشترى به عرضًا بزًّا أو رقيقًا أو ما أشبه ذلك، ثم باعه قبل أن يحول عليه الحول فإنه لا يؤدي من ذلك المال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم صدقه، وأنه إن لم يبع ذلك العرضَ سنين لم يجب (١) فيه شيء من ذلك العرض زكاة وإن طال زمانه، فإذا باعه فليس فيه إلَّا زكاة واحدة.

وحاصله أن إدارة التجارة ضربان، أحدها التقلبُ فيها وارتصاد الأسواق بالعروض، فلا زكاة وإن أقام أعوامًا حتى يبيع فيزكي لعام واحد، والثاني البيع في كل وقت بلا انتظار سوق، كفعل أرباب الحوانيت، فيزكي كل عام بشروط أشار إليها الباجي.

وذهب الأئمة الثلاثة وغيرهم إلى أن التاجر يُقَوِّم كل عام ويزكي مديرًا كان أو محتكرًا، وقال داود: لا زكاة في العرض بوجه كان لتجارة أو غيرها لخبر: "ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة"، ولم يقل إلَّا أن ينوي بهما التجارة.

وَتُعُقِّبَ بأن هذا نقض لأصله في الاحتجاج بالظاهر؛ لأن الله تعالى قال: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} (٢) فعلى أصلهم يؤخذُ من كل مال إلَّا ما خُصَّ بِسُنَّة أو إجماع، فيؤخذ من كل [مال] ما عدا الرقيق والخيل؛ لأنه لا يقيس عليهما ما في معناهما من العروض، وقد أجمع الجمهور على زكاة عروض التجارة وإن اختلفوا في الإدارة والاحتكار.

والحجة لهم ما تقدم من عمل العمرين، وما نقله مالك من عمل المدينة وخبرُ أبي داود: "كان يأمرنا أن نُخرج الزكاةَ مما نعده للبيع"، قال الطحاوي: ثبت عن عمر - رضي الله عنه - وابنه زكاةُ عروضِ التجارة ولا مخالِفَ


(١) كذا في الأصل، والصواب: لم يجب عليه في شيء من ذلك العرض.
(٢) سورة التوبة: الآية ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>