للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والحديث الآخر رواه البيهقي من طريق أحمد بن حنبل بسنده عن ابن عمر قال: ليس في العروض زكاة إلَّا ما كان للتجارة، انتهى.

قلت: وأنت تعلم أن هذه الأحاديث الموقوفة لا دخل للقياس فيها، فهي حينئذ في حكم المرفوعة، والله تعالى أعلم.

وقال في "البدائع" (١): وأما أموال التجارة فتقدير النصاب فيها بقيمتها من الدنانير والدراهم، فلا شيء فيها ما لم تبلغ قيمتها مائتي درهم أو عشرين مثقالًا من ذهب، فتجب فيها الزكاة، وهذا قول عامة العلماء، وقال أصحاب الظواهر: لا زكاة فيها أصلًا، وقال مالك: إذا نضت زكاها لحول واحد.

وجه قول أصحاب الظواهر: أن وجوب الزكاة إنما عُرِفَ بالنص، والنص ورد بوجوبها في الدراهم والدنانير والسوائم، فلو وجبت في غيرها لوجبت بالقياس عليها، والقياس ليس بحجة خصوصًا في باب المقادير.

ولنا ما رُوِيَ عن سمرة بن جندب أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بإخراج الزكاة من الرقيق الذي كنا نعده للبيع، ورُوِيَ عن أبي ذر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "في البر صدقة"، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "هاتوا ربعَ عُشْرِ أموالكم".

فإن قيل: الحديث ورد في نصاب الدراهم لأنه ورد في آخره "من كل أربعين درهمًا درهم"؛ فالجواب أن أول الحديث عام، وخصوص آخره يوجب سلب عموم أوله، أو نحمل قوله: "من كل أربعين درهم" على القيمة، أي من كل أربعين درهمًا من قيمتها درهم، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "وأدوا زكاة أموالكم" من غير فصل بين مال ومال، انتهى.

وقال الزرقاني في "شرح الموطأ" (٢): قال مالك: الأمر عندنا فيما يدار


(١) "بدائع الصنائع" (٢/ ١٠٩).
(٢) "شرح الزرقاني" (٢/ ١٠٨ - ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>